الأشياء واحد (١). وقد قال الله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٢) فهذا معنى احتجاجنا آنفا.
مسألة
فان قال قائل : ما الدليل على جواز اعادة الخلق؟ قيل له : الدليل على ذلك أن الله سبحانه خلقه أولا لا (٣) على مثال سبق ، فاذا خلقه أولا لم يعيه أن يخلقه خلقا آخر. وقد قال عزوجل : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ؛ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٤) فجعل النشأة الأولى دليلا على جواز النشأة الآخرة لأنها فى معناها. ثم قال : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (٥) فجعل ظهور النار على حرها ويبسها من الشجر الأخضر على نداوته ورطوبته دليلا
__________________
(١) بقى بعد ذلك احتمال ان يتفقا ولا بد من أبطال هذا الاحتمال أيضا حتى يتم الدليل. ويرى الامام محمد عبده فى رسالته ـ ص ٤٠ ـ ٤١ الطبعة العاشرة لرشيد رضا ـ أن هذا الاحتمال باطل اذ لو تعدد واجب الوجود لكان لكل من الواجبين تعين يخالف تعين الآخر بالضرورة وألا لم يتحصل معنى التعدد. وكلما اختلفت التعينات اختلفت الصفات الثانية للذوات المتعينة فيختلف العلم والإرادة مثلا باختلاف الذوات الواجبة فتخالف أفعالهم بتخالف علومهم وأرادتهم وهو خلاف يستحيل معه الوفاق فيفسد نظام الكون بل يستحيل له نظام. ولذلك كانت الآية : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) قطعية الدلالة على الوحدة فى رأيه خلافا للسعد وغيره من المتكلمين فانهم يرونها إقناعية.
(٢) س ٢١ الآية ٢٢
(٣) ل : تركها الناسخ.
(٤) س ٣٦ الآيتان ٧٨ ، ٧٩
(٥) نفس السورة الآية ٨٠