وسندل على ذلك بعد هذا الموضع من كتابنا (١). على أنا نقول له : ما أنكرت أن يكون القادر على العلم قد خلا من العلم وأضداده. فان قال : القادر على العلم قد خلا من العلم وأضداده (٢) اللذين يقدر عليهما ولا يخلو من علم آخر أو ضده قيل له : فقل أن القادر على الكلام وضده يخلو (٣) منهما ولا يخلو من كلام آخر أو ضده لا يقدر عليهما.
ودليل آخر على أن الله تعالى لم يزل متكلما أن الكلام لا يخلو أن يكون قديما أو حديثا (٤). فان كان محدثا لم يخل أن يحدثه فى نفسه أو قائما بنفسه (٥) أو فى غيره ، فيستحيل أن يحدثه فى نفسه لأن ليس بمحل للحوادث ، ويستحيل أن يحدثه قائما بنفسه لأنه صفة والصفة لا تقوم بنفسها ويستحيل أن يحدثه فى غيره ، لأنه لو أحدثه فى غيره لوجب أن نشق (٦) لذلك الجسم الّذي فيه الكلام من أخص أوصاف
__________________
(١) سوف يحاول المؤلف فى باب الاستطاعة أن يثبت أن الواحد منا لا يقدر على كسب الشى الا وقت صدوره عنه.
(٢) ب ، ل : «وأضداده» وقد غيرها م الى قوله : «وضده» ولعل ذلك أولى بدليل قول المؤلف بعد ذلك : «اللذين يقدر عليهما».
(٣) يزيد م : «قد» قبلها ولا لزوم لها بل قد تفسد المعنى اذا لم تفهم على أنها للتحقيق.
(٤) ب وتبعه ل ، م : حديثا. ولعل الأولى حادثا أو محدثا.
(٥) الضمير فى قوله (نفسه) يعود الى الله تعالى ، والضمير فى قوله (بنفسه) يعود الى الكلام.
(٦) ب وتبعه ل «نشق» واختار م أن يغيرها الى «يشتق»