وشاءت إرادة الله أن يوجد ذلك المؤلف الّذي نقدم له اليوم وهو «كتاب اللمع». فالأشعرى فى هذا الكتاب يبدو أعمق تفكيرا وأسلم منهجا وأشد عناية بالأدلة العقلية الى درجة التعقيد أحيانا. والأشعرى فى «كتاب اللمع» لا يذكر الامام أحمد رضى الله عنه ولا يشيد بمنهجه ، بل هو على العكس من ذلك يهاجم فى قسوة أولئك الذين يضيقون بالنظر والاستدلال وهم «الحنابلة» ، ويحاول جاهدا الاستدلال على صحة ذلك من القرآن والسنة المطهرة. والأشعرى أيضا فى «كتاب اللمع» لا يتعرض لذكر الوجه واليدين والاستواء على العرش كما فعل فى «الابانة» بل يهمل ذلك اهمالا تاما. ويزيد على ذلك التصريح القاطع بتنزيه الله عن الجسمية ونفيه عن الله أن يكون مشابها للحوادث. كما يتحدث فى اسهاب عن «نظرية الكسب» وما يلزم لتأييدها من الأدلة ويعطى عناية كبيرة لبعض المسائل الهامة التى أشرنا الى اهمال «الابانة» لها «كمشكلة البعث» وتحديد معنى «الايمان» ومسألة «الكبيرة» و «الوعد والوعيد» و «الخاص والعام» بما لا يخرج فى أساسه عن مذهب الأشاعرة.
واذن فالصورة العقلية التى رواها الثقات من العلماء عنه هى صورة حقة قد كتبت بيد الأشعرى نفسه. وهذه الصورة العقلية التى أخذناها من «اللمع» توصل فى الوقت