بقوله : (خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) الى أعمالهم؟ قيل له : الّذي يأفكون هو الأمثلة (١) التى خيلوا الى الناس أنها حيات تسعى ، وافكهم تخييلهم (٢) ، فأراد بقوله : (يَأْفِكُونَ) أى يخيلون الى الناس أنها تسعى ، وافكهم هو ايهامهم الشيء على خلاف ما هو بسبيله ، فالأمثلة هى التى يأفكون ويخيلون الى الناس أنها تسعى فى الحقيقة ، وهى التى تلقفها العصا. وليس تجوز أن يعملوا الخشب فى الحقيقة فلم يجز أن يكون الله تعالى أراد بقوله : (خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (الرجوع) (٣) إليها ووجب أن يرجع الى الأعمال كما رجع بقوله : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤) الى الأعمال ، فلو جاز لزاعم أن يزعم أن قول الله تعالى : (خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) أراد (به) (٥) غير أعمالهم كما أراد بقوله : (ما يَأْفِكُونَ) غير افكهم ، لساغ أن يزعم أن قول الله تعالى : (جَزاءً بِما كانُوا (٦) يَعْمَلُونَ) انما أراد به غير أعمالهم كما أراد بقوله : (خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) غير أعمالهم ، كما أن قوله : (ما يَأْفِكُونَ) انما أراد به غير افكهم ، فلما لم يجز هذا لم يجز ما قاله هذا.
__________________
(١) كذا فى ب وتبعه ل ، م ، ولعلها : لأخيله ، وكذا ما بعدها
(٢) ب وتبعه ل ، م : يخيلهم.
(٣) ليست فى الأصل.
(٤) فى الأصل : «جزاء بما كنتم ..» كما كتب أولا.
(٥) ليست فى الأصل.
(٦) فى الأصل أيضا : (بِما كُنْتُمْ).