والدليل من القياس على خلق أعمال الناس : أنا وجدنا الكفر قبيحا فاسدا باطلا متناقضا خلافا لمن خالف ، ووجدنا الايمان حسنا متعبا مؤلما ، ووجدنا الكفار يقصد ويجهل نفسه الى أن يكون الكفر حسنا حقا فيكون بخلاف قصده ، ووجدنا الايمان لو شاء المؤمن أن لا يكون متعبا مؤلما ولا مرمضا لم يكن ذلك كائنا على حسب مشيئته وارادته. وقد علمنا أن الفعل لا يحدث على حقيقته الا من محدث أحدثه عليها ؛ لأنه لو جاز أن يحدث على حقيقته لا من محدث أحدثه على ما هو عليها لجاز (١) أن يحدث الشيء فعلا لا من محدث أحدثه فعلا ، فلما لم يجز ذلك صح أنه لم يحدث على حقيقته الا من محدث أحدثه على ما هو عليه وهو قاصد الى ذلك ، لأنه لو جاز حدوث فعل على الحقيقة (٢) لا من قاصد لم يؤمن أن تكون الأفعال كلها كذلك (٣) كما أنه لو جاز حدوث فعل لا من فاعل لم يؤمن أن تكون الأفعال كلها كذلك ، واذا كان هذا هكذا فقد وجب أن يكون للكفر (٤) محدث أحدثه كفرا باطلا قبيحا وهو قاصد الى ذلك ، ولن (٥) يجوز أن يكون المحدث له هو
__________________
(١) يعتمد المؤلف فى دليله على هذا الاستلزام مع أنه غير مسلم فليس يلزم اذا جاز صدور الفعل من فاعل جاهل ببعض نواحيه أن يجوز صدور الفعل بدون فاعل اصلا ، فان التسوية الحالتين مصادمة للبداهة.
(٢) كذا فى الأصل وقد غيرها م الى «حقيقة» بغير ضرورة.
(٣) ل : نقلها الناسخ : بذلك.
(٤) ب وتبعه ل : الكفر.
(٥) لعل الأولى أن يقول : لا.