(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) أى لم أخلق ذلك أجمع باطلا ؛ لأن الباطل بعض خلق الله تعالى. ويحتمل : ما خلقت ذلك باطلا أى لم اجعله باطلا اذ خلقتهما ؛ لأن الباطل حدث بعد أن خلقتهما. وقد قال الله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (١) فعموم هذا القول يدل على أنه خلق ما بينهما مما حدث من الخلق كالملائكة الذين كانوا بينهما وما خلقه بينهما من أعمال الحيوان فى ذلك الوقت ، فلم قضوا باحدى الآيتين على أن الله تعالى لم يخلق الباطل دون أن يقضوا بالآية الأخرى على أن الله تعالى خلق ما كان بينهما من فعل الملائكة وغيرهم فى ذلك الوقت. ويقال ان كان قول الله تعالى فى المشركين : (يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) معناه (٢) : لم يخلقه الله فلم لا تكون الطاعات مخلوقة (له) (٣) لأنها عندكم من عند الله تعالى؟ وان كان الكفر والمعاصى غير مخلوقة لله تعالى لأنها متفاوتة فلم لا تكون الطاعات مخلوقة له لأنها عندكم غير متفاوتة؟ واذا كان قوله سبحانه : (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) على العموم فى كل شيء خلقه الله تعالى فلم لا كان (٤) قوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٥)
__________________
(١) س ٧ الآية ٥٤.
(٢) خبر لقوله قبل ذلك أن كان قول الله إلخ.
(٣) ليست فى الأصل وزيادتها أولى.
(٤) ب وتبعه ل : فلم لا كان ، ولا شك أن صحتها غربية : فلم لم يكن. ولكن هذا أسلوب يستعمله المؤلف كثيرا كما سبق.
(٥) س ٦ الآية ١٠٢.