«الابانة» وبين الصورة التى يحددها «اللمع» ؛ لأن مدح الامام أحمد والرد على المعتزلة والحرورية والجهمية فى انكارهم الوجه واليدين والاستواء على العرش فى الابانة ، مع السكوت عن ذلك فى اللمع ، لا يعتبر تناقضا ؛ لأن الأشعرى يتناقض حقا اذا نفى ذلك نفيا قاطعا فى كتابه «اللمع» ولكن الرجل لم ينف بل سكت ، والسكوت عن تقرير رأى فى مؤلف لا يعتبر مناقضا لتقريره فى مؤلف آخر. نعم الأشعرى قد صرح فى كتابه «اللمع» بالتنزيه ومخالفة الله للحوادث ، فهل يلزم من ذلك أن يكون متناقضا اذا أثبت الوجه واليدين والاستواء مثلا فى كتاب «الابانة»؟ نعم يلزم ذلك اذا أثبت وجها مماثلا لوجهنا ، ويدا مماثلة ليدنا ، واستواء مشابها لاستوائنا ؛ ولكن الأشعرى قد أثبت ذلك فى «الابانة» مع التصريح فى أكثر من موضع بأن ذلك انما هو «بلا كيف». ومعنى ذلك نفى المماثلة وعدم التعارض مع فكرة التنزيه. بل اننى أعتقد أن الصورة السلفية كما اعتنقها الصحابة والامام أحمد وربما ابن تيمية والوهابيون لا تتعارض الا قليلا جدا مع مذهب الأشاعرة الذين أولوا هذه الأشياء ، أعنى الوجه واليدين والاستواء الى غير ذلك ، بالذات والقدرة والاستيلاء مثلا ؛ لأن السلف مؤولون كالأشاعرة تماما. أقصى ما هنالك أن المراد بالوجه مثلا على مذهب السلف غير محددة ، مع القطع بأن الوجه الّذي نعرفه غير مراد ، وأن المراد عند الأشاعرة هو الذات