مسألة
ان قال قائل : حدثونا عن توأمين كانا فى برية فوقع بقلب أحدهما أن الله واحد : من ألقى ذلك فى قلبه؟ قلنا له : الله تعالى فإن قال : أفحق ما ألقاه بقلبه؟ قيل له : نعم. فان قال : أفصدقه فيما (١) ألقاه بقلبه؟ قيل (له) (٢) : صدق الله تعالى لا يكون الا كلامه ، وما وقع بقلب الانسان ليس بكلام الله تعالى فيقال ان الله تعالى صدقه فيه.
فان قال : فإن الآخر وقع فى قلبه أن الله ثالث ثلاثة : من ألقى ذلك بقلبه؟ قيل له : الله. فان قال : أفباطل ما ألقاه بقلبه؟ قيل له : نعم. فان قال : أفصدقه فيما ألقاه بقلبه أم كذبه؟ قيل (له) (٣) : خطأ أن يقال له صدقه فيه ؛ لأن صدق البارى من صفات نفسه وهو كلامه ، وخطأ أن يقال كذبه فيه ؛ لأن الكذب لا يجوز على البارى تعالى ؛ لأنه مستحيل أن يكذب ، وليس يجب اذا خلق كذبا لغيره وكذبا فى قلب غيره أن يكون كاذبا ، كما لا يجب اذا خلق قدرة فى غيره وإرادة فى غيره وحركة فى غيره أن يكون بذلك قادرا مريدا متحركا.
مسألة
فان قالوا : لم سميتمونا قدرية؟ قيل لهم : لأنكم تزعمون فى أكسابكم أنكم تقدرونها وتفعلونها مقدرة لكم دون خالقكم ، والقدرى (٤) هو من ينسب ذلك لنفسه ، كما أن الصائغ
__________________
(١) ب ، ل : ما القاه.
(٢) ليست فى الأصل.
(٣) ليست فى الأصل.
(٤) ل نقلها الناسخ : والقدر.