عيوبنا ، واجعل التقوى زادنا ، وفي دينك اجتهادنا ، وعليك توكلنا واعتمادنا. إلهنا ثبتنا على نهج الاستقامة ، وأعذنا من موجبات الندامة يوم القيامة ، وخفف عنا ثقل الأوزار ، وارزقنا عيشة الأبرار ، واكفنا واصرف عنا شر الأشرار واعتق رقابنا ، ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار والدّين والمظالم يا عزيز يا غفار ، يا كريم يا ستار ، يا حليم يا جبار برحتمك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله وسلم على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين آمين.
خاتمة للمعرب
اعلم أن تصفية القلب لا تتم إلا بطريقة الذكر لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد وجلاؤها ذكر الله تعالى «. ثم إن الذكر إما باللسان وإما بالقلب ، فذكر اللسان لتحصيل ذكر القلب ، وذكر القلب لتحصيل المراقبة ، وأقرب التصفية للقلب الاشتغال بذكر الطريقة النقشبندية وهو الذكر باسم الذات أو بالنفي والإثبات ، وكيفية ذكر اسم الذات أن يتلفظ الذاكر بلسان القلب لفظة (الله). لأن القلب كله لسان وكله سمع وكله بصر. وأما كيفية ذكر النفي والإثبات فهي أن يتلفظ بلسان القلب (لا إله) نافيا بها جميع تعلقات القلب عما سوى الله ثم يتلفظ بلسان القلب (إلا الله) مثبتا بها وجود وحدانية الحق فيه ، فإذا ذكر الذاكر هذين الاسمين بهذه الكيفية تحصل له صفوة القلب وزكاه ، ويكون عارفا بالله تعالى واصلا إليه ويقدم وظيفة الذكر به على سائر العبادات بعد الفرائض ورواتبها في جميع الأوقات إلى أن يحصل في قلبه ملكة حميدة ، وبعد ذلك يجوز له جميع الفضائل من العبادات لأنه عرف طريق الاستفاضة من الله وعرف طريق التقرب إليه :
فذكر الله أحسن في الطّريق |
|
من الورد المرتب للصّلاة |
وأحسن من قراءة قول حقّ |
|
ومن عمل بكلّ النّافلات |
لأنّ الذّكر يجلي صداء قلب |
|
ويرفع عنه كلّ الحاجيات |
وجاهد في جميع الوقت والزم |
|
بذكر الله تشهد واردات |
توجّه للإله ودع سواه |
|
وراقب وارتفع للعاليات |
والمراقبة وهي رؤية جناب الحق سبحانه وتعالى بعين البصيرة على الدوام مع التعظيم ، وهي أقرب الطرق إلى الله تعالى من حيث التقرب إليه. كما قيل : القصد إلى الله عزوجل بالقلوب أبلغ من حركات الأعضاء في الأعمال بالصلاة والسلام والأذكار والأوراد ونحوها ، لأن صاحب الهمة العالية لا يزال عاملا بقلبه وإن لم تساعده على الأعمال جوارحه فهو يكون دائما في التقرب وأبدا في التحبب.
ثم اعلم أن الذاكر إذا بلغ مرتبة المراقبة ثبتت له وحدة الوجود الإلهية وتحقق بدوام العبودية ، فإذا داوم على المراقبة ترقى إلى مرتبة المشاهدة بأن ينكشف له بعين البصيرة أن أنوار وجود وحدة الذات الإلهية محيطة بجميع الأشياء ، وأنه تعالى متجل بصفاته وأسمائه في مصنوعاته وبحسب استعداد المشاهدين يصير الابتهاج بأنوار الربوبية والاستكشاف بأسرار الأحدية.
تمت في شهر رجب سنة ١٣٢٧