ولا تعلم أهلك وولدك ، فضلا عن غيرهم ، عن مالك ؛ فإنهم إن رأوه قليلا هنت عليهم ، وإن رأوه كثيرا لم تبلغ إلى رضاهم ؛ وأحبهم من غير عنف ، ولن لهم من غير ضعف.
وإذا خاصمت فتوفر ، وتفكر في حجتك ، ولا تكثر الإشارة بيدك ، ولا تجث على ركبتيك ، وإذا هدأ غضبك فتكلم.
وإن بليت بصحبة السلطان فكن منه على حذر ، ولا تأمن من انقلابه عليك ، وارفق به رفقك بالصبي ، وكلمه بما يشاء ، وإياك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه ولو كان مستمعا لذلك.
وإياك وصديق العافية ، فإنه أحد الأعداء لك. ولا تجعل مالك أكرم عليك من عرضك.
وإياك وكثرة البصاق بين الناس ، فإن صاحبه ينسب إلى التأنيث ، ولا تظهر لصديقك كل ما يؤذيك فإنه متى رأى منك وقعة أعقبك العداوة.
ولا تمازح لبيبا فيحقد عليك ، ولا سفيها فيجترئ عليك ؛ لأن المزاح يخرق الهيبة ، ويسقط المنزلة ، ويذهب ماء الوجه ، ويعقب الحزن ، ويزيل حلاوة الود ، ويشين فقه الفقيه ، ويجرئ السفيه ، ويميت القلب ، ويباعد من الرب ، ويعقب الذم ، ويفسخ العزم ، ويظلم السرائر ، ويميت الخواطر ، ويكثر الذنوب ، ويبين العيوب.
نسأل الله تعالى أن يهدينا فيمن هدى ، ويعافينا فيمن عافى ويتولانا فيمن تولى ، ويبارك لنا فيما أعطى ، ويقينا شرّ ما قضى ، فإنه لا راد لما قضى ، ولا يعزّ من عادى ، ولا يذلّ من والي.
تبارك ربنا وتعالى ، نستغفره ونتوب إليه ، ونسأله أن يصلي بأفضل الصلوات كلها على عبده المصطفى ، وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى ، وسلم تسليما كثيرا.
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي ، آمين.