إلينا في زمن خديجة رضي الله عنها وحسن العهد من الإيمان" وبزيادة الشعر قادح.
لا تلق في بئر شربت زلالها |
|
قذرا فمنه يقال إنك غادر |
باب [وهو المقالة الرابعة] في ترتيب الخلافة والمملكة
اختلف العلماء في ترتيب الخلافة وتحصيلها لمن أمرها إليه ، فمنهم من زعم أنها بالنص ، ودليلهم قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) الى قوله : (أَلِيماً) [الفتح : ١٦] وقد دعاهم أبو بكر رضي الله عنه إلى الطّاعة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأجابوه. وقال بعضالمفسرين في قوله تعالى : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً) [التحريم : ٣] قال في الحديث : " إنّ أباك هو الخليفة من بعدي" وقالت امرأة : إذا فقدناك فإلى من نرجع؟ فأشار إلى أبي بكر رضي الله عنه ولأنه أمّ بالمسلمين على بقاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والإمامة عماد الدين. هذا جملة ما يتعلق به القائلون بالنصوص ، ثم تأولوا لو كان علي أول الخلفاء لا نسحب عليه ذيل الفتى ولم يأتوا بفتوح ولا مناقب. ولا يقدح في كونه رابعا كما لا يقدح في نبوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ كان آخرا. والذين عدلوا عن هذه الطريق زعموا أن هذا تعلق فاسد جاء على زعمكم وأهويتكم ، فقد وقع الميزان في الخلافة والأحكام مثل داود وسليمان وزكريا ويحيى ، قالوا لأزواجه : لمن الخلافة؟ فبهذا تعلقوا وهذا باطل ، ولو كان ميراثا لكان العباس ، لكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم عيد غدير خمّ باتفاق الجميع وهو يقول : " من كنت مولاه فعليّ مولاه" فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضى وتحكيم. ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرئاسة ، وحمل عمود الخلافة وعقود النبوة وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار ، وسقاهم كأس الهوى فعادوا إلى الخلاف الأول ، فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا. ولما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال قبل وفاته : " ائتوا بدواة وبيضاء لأزيل لكم إشكال الأمر وأذكر لكم من المستحقّ لها بعدي" قال عمر رضي الله عنه : دعوا الرجل فإنه ليهجر ، وقيل يهدر. فإذا بطل تعلقكم بتأويل النصوص فعدتم إلى الإجماع : وهذا منصوص أيضا ، فإن العباس وأولاده ، وعليّا وزوجته وأولاده لم يحضروا حلقة البيعة ، وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجي. ودخل محمد بن أبي بكر على أبيه في مرض موته فقال : يا بني ائت بعمك لأوصي له بالخلافة! فقال : يا أبت أكتب على حق أو باطل؟ فقال : على حق ، فقال : وصّ بها لأولادك إن كان حقا ، أو لا فقد مكنتها بك لسواك ، ثم خرج إلى علي. فجرى قوله على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قوموني لست خيركم. أفقال هزلا أو جدّا أو امتحانا؟ فإن كان هزلا فالخلفاء منزهون عن الهزل ، وإن قاله جدّا فهذا نقض للخلافة ، وإن قاله امتحانا ... (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) [الأعراف : ٤٣] فإذا ثبت هذا فقد صارت إجماعا منهم وشورى بينهم. هذا الكلام في