غسلني حملني بعنف فخدشني مسمار كان في المغتسل قائما فتألمت منه ، فلما أصبح الصباح سئل الغاسل فقال : كان ذلك من غير اختياري. ورئي آخر في المنام فقيل له : كيف حالك أو لم تمت؟ قال : نعم ، وأنا بخير ، غير أن الحجر كسر ضلعي عند ما سوّي علي التراب فأضرني. ففتح القبر فوجدوه كما قال. وآخر جاء إلى ولده في النوم فقال له : يا ولد السوء أصلح قبر أبيك ، لقد آذاه المطر! فلما أصبح بعث الرجل إلى قبر أبيه فوجد جدولا من الماء وقد أتى عليه من سيل ، وإذا بالقبر مملوء من الماء. وعن أعرابي أنه قال لولده : ما فعل الله بك؟ قال ما ضرني إلا أن دفنت بإزاء فلان وكان فاسقا قد روعني ما يعذب به من أنواع العذاب.
وكثيرا ما جاء في مثل هذه الأخبار حكايات تبين أهل القبور يؤلمون في قبورهم ، وكفى بالخبر دلالة حيث يقول صاحب الشرع صلىاللهعليهوسلم : " يؤلم الميّت في قبره كما يؤلم الحيّ في بيته" وقد نهى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم عن كسر عظام الميت.
وقد مر برجل قاعد على فناء قبر فنهاه وقال : لا تؤذوا الموتى في قبورهم. وقد زار النبيصلىاللهعليهوسلم قبر أمه آمنة فبكى وأبكى من كان معه ثم قال : «استأذنت ربّي في الاستغفار لها فلم يأذن لي ، ثمّ استأذنت أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنّها تذكّر الموت». وكان إذا حضر إلى المقابر ليزورها يقول صلىاللهعليهوسلم : «سلاما على أهل الدّيار من المسلمين والمؤمنين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع ، اللهمّ اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنّا وعنهم» فكان يعلم نساءهصلىاللهعليهوسلم إذا خرج النساء إلى المقابر يقول لهن قولوا هذا الكلام ، ويعلمهن إياه. وقال صالح المزني : سألت بعض العلماء لأي شيء نهي عن الصلاة في المقبرة؟ فقال : ورد حديث ، فاستدل بحديث" لا تصلّوا بين القبور فإنّ ذلك حسرة لا منتهى لها". وروي عن بعضهم أنه قال : قمت أصلي ذات يوم في المقابر وقد اشتد الحر وقوي ، إذ رأيت شخصا يشبه أبي جالسا على ظهر قبره ، فسجدت فزعا ، فسمعته يقول : ضاقت عليك الأرض رحبا حتى جئت تؤذينا بصلاتك منذ زمان. وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر بيتيم يبكي على قبر أبيه فبكى رحمة له ثم قال : " إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه" أي إنّ ذلك يحزنه ويسوؤه. فكم من ميت رئي في المنام فقيل له كيف حالك يا فلان فيقول حال سوء ساء حالي من فلان وفلانة كانا يكثران البكاء والنواح علي. إلا أن الزنادقة ينكرون ذلك قبله. ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : " ما من أحد منكم يمرّ بقبر أخيه المؤمن ممّن يعرفه في الدّنيا فيسلّم عليه إلّا عرفه وردّ عليه" وكذا حدث عليه الصلاة والسلام وقد انصرف عن جنازة دفنوها أنه يسمع قرع نعالهم وهم بغيره أسمع وأسمع. ومات بعض الفقهاء ولم يوص بشيء ثم طاف على أهل بيته بالليل وقال : أعطوا فلانا كيت وكيت من الزرع! وادفعوا لفلان كتابه الذي كان عندي مودوعا منذ زمان! فلما أصبحوا ذكر كل واحد منهم لأخيه ما رأى ، ثم إنهم وجدوه بعد زمان في زوايا البيت. وعن بعضهم قال : اتخذ أبونا لنا مؤدبا يعلمنا الكتابة في الدار