منهم : ألك فينا ولد؟ قلت : لا ، قال : فلا إذا. وفي هذا فضل التزويج. ولهذا الولد الساقي شروط ذكرناها في كتابنا" الإحياء".
وقوم قد دنا على رءوسهم ظل يمنعهم من الحر وهي الصدقة الطيبة ، ولا يزالون كذلك ألف عام حتى إذا سمعوا نقر الناقور الذي وصفناه في كتابنا" الإحياء" ، وهو من بعض أسرار القرآن ، فتوجل له القلوب وتخشع له الأبصار لعظم نقره ، وتساق الرؤوس من المؤمنين والكافرين يظنون ذلك عذابا يزداد في هول القيامة ، فإذا بالعرش يحمله ثمانية أملاك يسير قدم الملك منهم مسيرة عشرين ألف سنة ، وأفواج الملائكة وأنواع الغمام بأصوات التسبيح لا تطيقه العقول ، حتى يستقر العرش في تلك الأرض البيضاء التي خلقها الله تعالى لهذا الشأن خاصة ، فتطرق الرؤوس وتحصر وتنحبس ، وتشفق البرايا ، وترعب الأنبياء ، وتخاف العلماء ، وتفزع الأولياء والشهداء من عذاب الله الذي لا يطيقه شيء. فبينما هم كذلك إذ غشيهم نور غلب على نور الشمس التي كانوا في حرها ، فلا يزالون يموج بعضهم في بعض ألف عام والجليل لا يكلمهم كلمة واحدة ، فحينئذ تذهب الناس إلى آدم عليهالسلام فيقولون : يا آدم يا أبا البشر الأمر علينا شديد. وأما الكافر فيقول : يا رب ارحمني ولو إلى النار ، من شدة ما يرى من الهول. ويقولون : يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، ونفخ فيك من روحه ، اشفع لنا في فصل القضاء! فيؤمر بكل حيث يشاء سبحانه وتعالى فيفعل بهم ما يشاء فيقول : عصيت الله حيث نهاني عن أكل الشجرة ، وأنا أستحي أن أكلمه في هذه الحالة ، ولكن اذهبوا إلى نوح عليهالسلام فإنه أول المسلمين! فيقيمون ألف عام يتشاورون فيما بينهم ، ثم يذهبون إلى نوح فيقولون له : أنت أول المرسلين ، فيذكرون له مثل ذلك ، ثم يطلبون منه الشفاعة في فصل القضاء بينهم ، فيقول : إنني دعوت دعوة أغرقت بها أهل الأرض ، وإني أستحي من الله تعالى أن أسأله مثل ذلك ، ولكن انطلقوا إلى إبراهيم خليل الله تعالى ، هو سماكم المسلمين من قبل فلعله يشفع لكم! فيتشاورون فيما بينهم ألف عام ثم يأتونه عليهالسلام فيقولون له : يا إبراهيم يا أبا المسلمين أنت الذي اتخذك الله خليلا فاشفع لنا إلى الله لعله يفصل فيما بين خلقه! فيقول لهم : إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات جادلت بهن عن دين الله ، فأنا أستحي من الله أن أسأله الشفاعة في مثل هذا المقام ، ولكن اذهبوا إلى موسى عليهالسلام فإنه اتخذه الله كليما وقربه نجيا عسى أن يشفع لكم. فيتشاورون فيما بينهم ألف عام والحال يزيد شدة والموقف ضيقا فيأتون موسى فيقولون له : يا بن عمران أنت الذي اتخذك الله كليما وقربك نجيا وأنزل إليك التوراة ، فاشفع لنا في فصل القضاء فقد طال المقام واشتد الزحام وتراكمت الأقدام ونادى أهل الكفر الإسلام من طول المقام! فيقول لهم موسى : إني سألت الله تعالى أن يأخذ آل فرعون بالسنين وأن يجعلهم مثلا للآخرين ، وأنا استحي من الله تعالى أن أسأله الشفاعة في مثل هذا المقام مع أسباب جرت بيني وبينه في