لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠))
شرح الكلمات :
(أَشْرَكُوا) : أي جعلوا لله شركاء له يعبدونهم معه.
(وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) : أي مما حرموه من البحائر والسوائب والوصائل والحامات.
(ذاقُوا بَأْسَنا) : أي عذابنا.
(تَخْرُصُونَ) : تكذبون.
(الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) : الدليل القاطع للدعاوي الباطلة.
(هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ) : أي أحضروهم.
(يَعْدِلُونَ) : أي به غيره من الأصنام وسائر المعبودات الباطلة.
معنى الآيات :
ما زال السياق في رد ترهات وأباطيل العادلين بربهم المشركين في ألوهيته سواه فذكر تعالى في الآيتين (١٤٨) و (١٤٩) شبهة للمشركين يتخذونها مبررا لشركهم وباطلهم وهي قولهم : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا (١) وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) (٢) يريدون أن عدم مؤاخذة الله تعالى لنا ونحن نشرك به ونحرم ما نحرمه دليل على رضا الله بذلك (٣) وإلا لمنعنا منه وحال دون فعلنا له ، فرد الله تعالى هذه الشبهة وأبطلها بقوله : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (٤) حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) أي مثل هذا التكذيب الصادر من هؤلاء العادلين بربهم من كفار قريش ومشركيها كذب الذين من قبلهم من الأمم ، وما زالوا على تكذيبهم حتى أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ، فلو كان تعالى راضيا بشركهم وشرهم وباطلهم لما أخذهم فإمهال الله تعالى للناس لعلهم يتوبون ليس دليلا على رضاه بالشرك والشر ، والحجة أنه متى انتهت فترة الإمهال نزل بالمكذبين العذاب.
__________________
(١) إلى اليوم والغافلون من المسلمين يحتجون بما احتج به المشركون الأولون ويقولون لو شاء الله أن نصلي لصلينا ولو شاء الله أن نترك المحرم لتركناه وهو احتجاج باطل لا وزن له.
(٢) أي من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
(٣) قولهم هذا دال على جهل مركب منهم بالله تعالى وحكمته وتدبيره وهذا ناتج عن كفرهم وعدم إيمانهم بالله وكتابه ورسوله ، فالله أوجد العبادة في هذه الحياة ليبتليهم ثم يجزيهم لا أن يجبرهم على ما يحب منهم.
(٤) في قوله كذلك كذب الذين من قبلهم دلالة على أن المشركين لم يريدوا من قولهم لو شاء الله ما أشركنا إلا رد قول الرسول وتكذيبه فيما جاء به ويدعوهم إليه حتى لكأن كلامهم هذا من باب كلمة حق أريد بها باطل.