(أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) : أي يملك أسماعكم وأبصاركم إن شاء أبقاها لكم وإن شاء سلبها منكم.
(وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) : أي الجسم الحي من جسم ميت والعكس كذلك.
(وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : أي أمر الخلائق كلها بالحياة والموت والصحة والمرض والعطاء والمنع.
(أَفَلا تَتَّقُونَ) : أي الله فلا تشركوا به شيئا ولا تعصوه في أمره ونهيه.
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) : أي كيف تصرفون عن الحق بعد معرفته والحق هو أنه لا إله إلا الله.
(حَقَّتْ) : أي وجبت.
(أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : وذلك لبلوغهم حدا لا يتمكنون معه من التوبة البتة.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير عقيدة التوحيد فيقول تعالى لرسوله (قُلْ) يا رسولنا لأولئك المشركين مستفهما إياهم (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) بإنزال المطر وبانبات الحبوب والثمار والفواكه والخضر التي ترزقونها ، وقل لهم (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) أي أسماعكم وأبصاركم بحيث إن شاء أباقاها لكم وأمتعكم بها ، وإن شاء أخذها منكم وسلبكم إياها فأنتم عمي لا تبصرون وصم لا تسمعون (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) كالفرخ من البيضة (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) كالبيضة من الدجاجة ، والنخلة من النواة ، والنواة من (١) النخلة. (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) في السماء والأرض كتعاقب الليل والنهار ونزول الأمطار ، وكالحياة والموت والغنى والفقر والحرب والسلم والصحة والمرض إلى غير ذلك مما هو من مظاهر التدبير الإلهي في الكون. (فَسَيَقُولُونَ اللهُ ،) إذ لا جواب لهم إلا هذا إذا فما دام الله هو الذي يفعل هذا ويقدر عليه دون غيره كيف لا يتّقى عزوجل بتوحيده وعدم الإشراك به ، فلم لا تتقونه؟ (٢)
__________________
(١) وكالنطفة من الإنسان ، والإنسان من النطفة ، ومثلها نطفة الحيوان مخرجها من حيوان حي ، ومن الحيوان الحي تخرج نطفة ميتة.
(٢) أي : فقل لهم يا رسولنا : (أَفَلا تَتَّقُونَ) : أي : أفلا تخافون عقابه ونقمه في الدنيا والآخرة.