مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٣٩))
شرح الكلمات :
(أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) : أي افتراء أي لم يكن هذا القرآن افتراء.
(وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) : أي بيان ما فرض الله تعالى على هذه الأمة وما أحل لها وما حرم.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) : أي اختلقه من نفسه وتقوّله من عنده.
(بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) : أي بما توعدهم الله تعالى به من العذاب.
(وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) : أي ولما يأتهم بعد ما يؤول إليه ذلك الوعيد من العذاب.
(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : أي كتكذيب هؤلاء بوعد الله لهم كذب الذين من قبلهم.
معنى الآيات :
هذه الآيات في تقرير عقيدة الوحي وإثبات نبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم قال تعالى : (وَما كانَ هذَا (١) الْقُرْآنُ) أي لم يكن من شأن هذا القرآن العظيم (أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) أي يختلق من غير الله تعالى من سائر خلقه ، (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) (٢) أي ولكنه كلام الله ووحيه أوحاه إلى رسوله وأنزله تصديق الذي بين يديه أي من الكتب التي سبقت نزوله وهي التوراة والإنجيل (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) الذي كتبه الله تعالى على أمة الإسلام من الفرائض والشرائع والأحكام. وقوله تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا شك في أنه وحي الله وكلامه نزل من رب العالمين ، وهو الله مربي الخلائق أجساما وعقولا وأخلاقا وأرواحا ومن مقتضى ربوبيته إنزال كتاب فيه تبيان كل شيء يحتاج إليه العبد في تربيته وكماله البدني والروحي والعقلي والخلقي.
__________________
(١) علم الله تعالى أنّ غيره تعالى لا يتأتى له الإتيان بمثل هذا القرآن كما قال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً).
(٢) أي : أنزله مصدقا لما بين يديه أي : لما تقدمه من الكتب الإلهية. هذا كقوله تعالى : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ). ونصب (تصديق) على أنه اسم كان ، والتقدير : ولكن كان تصديق الذي