(مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) : أي وصية من ربكم بالحق والخير ، وباجتناب الشرك والشر.
(وَهُدىً) : أي بيان لطريق الحق والخير من طريق الباطل والشر.
فضل الله ورحمته : ما هداهم إليه من الإيمان والعمل الصالح ، واجتناب الشرك والمعاصي.
(فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) : أي فبالإيمان والعمل الصالح بعد العلم والتقوى فليسروا وليستبشروا.
(هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) : أي من المال والحطام الفاني.
معنى الآيات :
ما زال السياق في بيان أن ما وعد الله تعالى به المشركين من العذاب هو آت لا محالة إن لم يؤمنوا وإنه عذاب لا يطاق فقال تعالى (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ) أي نفسها بالشرك والمعاصي ، لو أن لها ما في الأرض من مال صامت وناطق وقبل منها لقدمته فداء (١) لها من العذاب ، وذلك لشدة العذاب. وقال تعالى عن الكافرين وهم في عرصات القيامة وقد رأوا النار (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) (٢) أي أخفوها في صدورهم ولم ينطقوا بها وهي ندمهم الشديد على عدم إيمانهم واتباعهم للرسول صلىاللهعليهوسلم وقوله تعالى (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي وقضى الله تعالى أي حكم بين الموحدين والمشركين والظالمين والمظلومين (٣) بالقسط الذي هو العدل الإلهي والحال أنهم لا يظلمون بأن يؤاخذوا بما لم يكتسبوا. وقوله تعالى (أَلا إِنَ (٤) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي انتبهوا واسمعوا أيها المشركون إن لله ما في السموات والأرض من سائر المخلوقات ملكا حقيقيا لا يملك معه أحد شيئا من ذلك فهو يتصرف في ملكه كما يشاء يعذب ويرحم يشقي ويسعد لا اعتراض عليه ألا أن وعد الله حق أي تنبهوا مرة أخرى واسمعوا إن وعد الله أي ما وعدكم به من العذاب حق ثابت لا يتخلف. وقوله تعالى : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
__________________
(١) ولكن لا يقبل منها كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ).
(٢) إسرارهم الندامة كان عند معاينة العذاب ، وقبل الدخول فيه ، والندامة : الحسرة على وقوع مكروه أو فوات محبوب.
(٣) وبين الرؤساء والمرؤوسين ، أي : بين المتبوعين والتابعين لهم.
(٤) (أَلا) : كلمة استفتاح وتنبيه يؤتى بها في أوّل الكلام ، معناها : انتبهوا لما أقول لكم.