وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))
شرح الكلمات :
(صَرَّفْنا) : أي بيّنا وكررنا البيان.
(مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) : المثل الصفة المستغربة العجيبة.
(جَدَلاً) : أي مخاصمة بالقول.
(سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) : أي العذاب بالإبادة الشاملة والاستئصال التام.
(قُبُلاً) : عيانا ومشاهدة.
(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) : أي يبطلوا به الحق.
(هُزُواً) : أي مهزوءا به.
(أَكِنَّةً) : أغطية.
(وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : أي ثقلا فهم لا يسمعون.
(مَوْئِلاً) : أي مكانا يلجأون إليه.
(لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) : أي وقتا معينا لإهلاكهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في بيان حجج الله تعالى على عباده ليؤمنوا به ويعبدوه وحده فينجوا من عذابه ويدخلوا دار كرامته فقال تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا (١) فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) أي ضربنا فيه الأمثال الكثيرة وبيّنا فيه الحجج العديدة ، (وَصَرَّفْنا فِيهِ) من الوعد والوعيد ترغيبا وترهيبا ، وقابلوا كل ذلك بالجحود والمكابرة ، (وَكانَ الْإِنْسانُ (٢) أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) فأكثرهم الإنسان يصرفه في الجدل والخصومات حتى لا يذعن للحق ويسلم به ويؤديه إن كان عليه. هذا ما دلت عليته الآية الأولى : (٥٤) أما الآية الثانية فقد أخبر تعالى فيها أن الناس ما منعهم (أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ
__________________
(١) قال القرطبي : يحتمل أي : هذا الكلام وجهين : أحدهما ما ذكره لهم من العبر والقرون الخالية والثاني : ما أوضحه لهم من دلائل الربوبية وما في التفسير لم يخرج عن هذا فتأمّله.
(٢) يحتمل اللفظ الكافر لقوله تعالى : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ) ويحتمل المسلم إلّا أنه في الكافر أظهر وأكثر وروي مسلم عن علي رضي الله عنه (أن النبي صلىاللهعليهوسلم طرقه وفاطمة فقال : ألا تصلون؟ فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قلت له ذلك ثمّ سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول : (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً).