عليها فإنها صعبة شاقة. (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) تلك العقدة التي نشأت بسبب الجمرة التي ألقاها في فمه بتدبير الله عزوجل حيث عزم فرعون على قتله لما وضعه في حجره يلاعبه فأخذ موسى بلحية فرعون ونتفها فغضب فقالت له آسية إنه لا يعقل لصغر سنه وقالت له تختبره بوضع جواهر في طبق وجمر في طست وتقدمهما له فإن أخذ الجواهر فهو عاقل ودونك افعل به ما شئت ، وإن أخذ الجمر فهو غير عاقل فلا تحفل به ولا تغتم لفعله ، وقدم لموسى الطبق والطست فمد يده إلى الطست بتدبير الله فأخذ جمرة فكانت سبب هذه العقدة فسأل موسى ربه أن يحلها من لسانه ليفصح إذا خاطب فرعون ويبين فيفهم قوله ، وبذلك يؤدي رسالته. هذا معنى قوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) (١).
وقوله تعالى فيما أخبر عن موسى (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ (٢) أَهْلِي هارُونَ أَخِي) أي طلب من الله تعالى أن يجعل له من أخيه هارون معينا على تبليغ الرسالة وتحمل أعبائها. وقوله : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) (٣) أي قوّ به ظهري. وقوله : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) وذلك بتنبئته وإرساله ليكون هارون نبيا رسولا. وعلل موسى عليه الصلاة والسّلام لطلبه هذا بقوله : (كَيْ نُسَبِّحَكَ (٤) كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) ، وقوله (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) أي أنك كنت ذا بصر بنا لا يخفى عليك شىء من أمرنا وهذا من موسى توسل إلى الله تعالى في قبول دعائه وما طلبه من ربه توسل إليه بعلمه تعالى به وبأخيه وبحالهما.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب اللجأ إلى الله تعالى في كل ما يهم العبد.
٢ ـ مشروعية الأخذ بالأهبة والاستعداد لما يعتزم العبد القيام به.
٣ ـ فضيلة التسبيح والذكر ، والتوسل بأسماء الله وصفاته.
__________________
(١) اختلف في هل انحلّت تلك العقدة أو لم تنحل ، والصحيح أنها انحلّت إجابة الله تعالى لدعوة موسى إذ قال : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) وأما قول فرعون : ولا يكاد يبين فهو تكرار لما سبق ولأجل الانتقاص من كمال موسى عليهالسلام.
(٢) الوزير : المؤزار كالأكيل للمؤاكل ، وفي حديث النسائي : (من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه).
(٣) الأزر : الظهر من موضع الحقوين ، والأزر : القوة أيضا وآزره أي : قواه ، وقيل : الأزر العون ، ومنه قول أبي طالب.
أليس أبونا هاشم شدّ أزره |
|
وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب |
(٤) في هذه الآية دليل على فضل التسبيح والذكر إذ لو لا أنّ موسى علم حب الله تعالى لهما لما توسل بهما لقضاء حاجته.