(الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) : أي العادلة.
(فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) : لا بنقص حسنة ولا بزيادة سيئة.
(مِثْقالَ حَبَّةٍ) : أي زنة حبة من خردل.
(وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) : أي محصين لكل شيء.
معنى الآيات :
ما زال السياق في إبطال دعاوي المشركين فقال تعالى : (بَلْ مَتَّعْنا (١) هؤُلاءِ) بما أنعمنا عليهم هم وآباؤهم فظنوا أن آلهتهم هي الحافظة لهم بل الله هو الحافظ (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) (٢) فانغروا بذلك. (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أرض الجزيرة بلادهم (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) بدخول أهلها في الإسلام بلدا بعد بلد. (أَفَهُمُ (٣) الْغالِبُونَ)؟ الله هو الغالب حيث مكن لرسوله والمؤمنين وفتح عليهم ، ثم أمر رسوله أن يقول لهم أيها المكذبون إنما أنذركم العذاب وأخوفكم من عاقبة شرككم بالوحي الإلهي لا من تلقاء نفسي ، وقوله تعالي : (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ) فالصم لحبهم الباطل الذي هم عليه لا يسمعون الدعاء إذا ما ينذرون وفي الخبر حبك الشيء يعمي ويصم فحبهم للشرك وآلهته جعلهم لا يسمعون فاستوى انذارهم وعدمه وقوله تعالى : (وَلَئِنْ (٤) مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) أي وقعة خفيفة من العذاب لصاحوا يدعون بالويل على أنفسهم قائلين (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٥) فكيف بهم إذا وضعت الموازين العدل ليوم القيامة حيث لا تظلم نفس شيئا وإن قل وإن كان مثقال حبة من حسنة أو سيئة أتينا بها ووزناها (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) (٦) أي محصين لأعمال العباد لعلمنا المحيط بكل شيء وقدرتنا التي لا يعجزها شيء .. ألا فلنتق الله أيها العقلاء!!
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد أهل مكة. أي : بسطنا لهم ولآبائهم نعيمها.
(٢) (طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي : في النعمة فظنوا أنها لا تزول عنهم؟ فانغروا وأعرضوا عن تدبّر حجج الله عزوجل.
(٣) المس : اتصال بظاهر الجسم ، والنفحة : المرّة من النفح في العطية ، يقال : نفحه بشيء إذا أعطاه. وما في التفسير مغن عن هذا.
(٤) هذا اعتراف منهم في حين لا ينفع الاعتراف.
(٥) قيل : يجوز أن يكون لكل عامل ميزان خاص به فتكثر الموازين كما قال الشاعر :
ملك تقوم الحادثات لعدله |
|
فلكل حادثة لها ميزان |
(٦) ضمير الجمع في (حاسِبِينَ) : مراعى فيه ضمير العظمة ، وهو منصوب على الحال أو التمييز لكفى