لا يرجعون إلى الله تعالى يوم القيامة بل يرجعون للحساب والجزاء فهذه المعاني كلها صحيحة ، والمعنى الأخير لا تكلف فيه بكون (لا) صلة بل هي نافية (١) ويرجح المعنى الأخير قوله تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ (٢) وَمَأْجُوجُ) فهو بيان لطريق رجوعهم إلى الله تعالى وذلك يوم القيامة وبدايته بظهور علاماته الكبرى ومنها إنكسار سد يأجوج ومأجوج وتدفقهم في الأرض يخربون ويدمرون (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) (٣) وصوب (يَنْسِلُونَ) مسرعين. وقوله تعالى : (وَاقْتَرَبَ (٤) الْوَعْدُ الْحَقُ) وهو يوم الدين والحساب والجزاء وقوله : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ (٥) أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وذلك بعد قيامهم من قبورهم وحشرهم إلى أرض المحشر وهم يقولون في تأسف وتحسر (يا وَيْلَنا) أي يا هلاكنا (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ) أي في دار الدنيا (بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) فاعترفوا بذنبهم حيث لا ينفعهم الاعتراف إذ لا توبة تقبل يومئذ.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وحدة الدين وكون الإسلام هو دين البشرية كافة لأنه قائم على أساس توحيد الله تعالى في عبادته التي شرعها ليعبد بها.
٢ ـ بيان ما حدث للبشرية من تمزيق الدين بينها بحسب الأهواء والأطماع والأغراض.
٣ ـ وعد الله لأهل الإيمان والعمل الصالح بالجزاء الحسن وهو الجنة.
__________________
(١) شاهد أن لا : نافية وليست بصلة ، ويكون لفظ الحرام معناه الوجوب قول الخنساء :
وإنّ حراما لا أرى الدهر باكيا |
|
على شجوه إلا بكيت على صخر |
تريد أخاها صخرا.
(٢) في الكلام حذف تقديره : حتى إذا فتح سد يأجوج ومأجوج ، مثل : واسأل القرية. أي أهل القرية.
(٣) الحدب : ما انقطع من الأرض ، والجمع حداب مأخوذ من حدبة الظهر ، قال عنترة :
فما رعشت يداي ولا ازدهاني |
|
تواترهم إليّ من الحداب |
و (يَنْسِلُونَ) ، يخرجون مسرعين ، قال امرؤ القيس : فسلي ثيابي من ثيابك تنسل.
وقال النابغة :
عسلان الذئب أمسى قاربا |
|
برد الليل عليه فنسل |
أي أسرع.
(٤) قيل : الواو زائدة مقحمة ، والمعنى : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق. فاقترب : جواب إذا والواو مقحمة ، ومثله : وتلّه للجبين ، وناديناه أي : للجبين ناديناه ، وأجاز بعضهم أن يكون جواب إذا : فإذا هي شاخصة ويكون اقترب الوعد الحق : معطوفا.
(٥) هي : ضمير الأبصار ، والأبصار بعدها : تفسير لها كأنه قال : فإذا أبصار الذين كفروا قد شخصت عند مجيىء الوعد.