وأغلب هؤلاء أعراب البادية.
(اطْمَأَنَّ بِهِ) : أي سكنت نفسه إلى الإسلام ورضي به.
(وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) : أي ابتلاء بنقص مال أو مرض في جسم ونحوه.
(انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) : أي رجع عن الإسلام إلى ما كان عليه من الكفر الجاهلي.
ما لا يضره ولا ينفعه : أي صنما لا يضره إن لم يعبده ، ولا ينفعه إن عبده.
(لَبِئْسَ الْمَوْلى) : أي قبح هذا الناصر من ناصر.
(وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) : أي المعاشر وهو الصاحب الملازم.
معنى الآيات :
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) هذه شخصية ثانية معطوفة على الأولى التي تضمنها قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) وهي شخصية النضر بن الحارث أحد رؤساء الفتنة في مكة ، وهذه الشخصية هي فرعون هذه الأمة عمرو بن هشام الملقب بأبي جهل يخبر تعالى عنه فيقول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (١) بل يجادل بالجهل وما أقبح جدال الجهل والجهّال ويجادل في الله عزوجل يا للعجب أفيريد ان يثبت لله تعالى الولد والبنت والعجز والشركاء والشفعاء ، ولا علم من وحي عنده ، ولا من كتاب إلهي موحى به إلى أحد أنبيائه. وقوله تعالى : (ثانِيَ عِطْفِهِ) وصف له في حال مشيه وهو يجر رداءه مصعرا خده مائلا إلى أحد جنبيه كبرا وغرورا ، وجداله لا لطلب الهدى أو لمجرد حب الإنتصار للنفس بل ليضل غيره عن سبيل الله تعالى الذي هو الإسلام حتى لا يدخلوا فيه فيكملوا ويسعدوا عليه في الحياتين. وقوله تعالى : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) (٢) أي ذل وهوان وقد ناله حيث قتل في بدر شر قتلة فقد احتز رأسه وفصل عن جثته ونال منه الذين كان يسخر منهم ويعذبهم من ضعفة المؤمنين ، وقوله تعالى : (وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) وقد أذاقه ذلك بمجرد أن قتل فروحه في النار ويوم
__________________
(١) نير بيّن الحجة قويها ، والمراد من الكتاب : كتب الشرائع مثل : التوراة والانجيل من الكتب الأولى والقرآن آخرها نزولا.
(٢) في هذه الآية إخبار بغيب فكان كما أخبر تعالى فإن كلّا من أبي جهل والنضر بن الحارث قد أذلهما الله وأخذهما ببدر ، فأبو جهل قتل وأخذ رأسه ، والنضر قتل صبرا ، والآية قطعا نزلت بمكة فهي من معجزات القرآن الكريم.