(يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ) : أي بالنبوة والرسالة على من يشاء لذلك.
(وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا) : أي طرقه التي عرفناه بها وعرفنا عظيم قدرته وعز سلطانه.
(لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا) : أي من ديارنا أو لتعودون في ديننا.
(لِمَنْ خافَ مَقامِي) : أي وقوفه بين يدي يوم القيامة للحساب والجزاء.
معنى الآيات :
ما زال السياق في ما ذكر به موسى قومه بقوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ ...) فقوله تعالى : (قالَتْ رُسُلُهُمْ) أي قالت الرسل إلى أولئك الأمم الكافرة (أَفِي اللهِ شَكٌ) (١)؟ أي كيف يكون في توحيد الله شك وهو فاطر السموات (٢) والأرض ، فخالق السموات والأرض وحده لا يعقل أن يكون له شريك في عبادته ، انه لا إله إلا هو وقوله : (يَدْعُوكُمْ) إلى الإيمان والعمل الصالح الخالي من الشرك (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ (٣) ذُنُوبِكُمْ) وهو كل ذنب بينكم وبين ربكم من كبائر الذنوب وصغائرها أما مظالم الناس فردوها إليهم تغفر لكم وقوله : (وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي يؤخر العذاب عنكم لتموتوا بآجالكم المقدرة لكم ، وقوله : (قالُوا) أي قالت الأمم الكافرة لرسلهم (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي (٤) ما أنتم إلا بشر مثلنا ، (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) أي تصرفونا (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) من آلهتنا أي أصنامهم وأوثانهم التي يدّعون أنها آلهة ، وقولهم : (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) قال الكافرون للرسل ائتونا بسلطان مبين أي بحجة ظاهرة تدل على صدقكم أنكم رسل الله إلينا فأجابت الرسل قائلة ما أخبر تعالى به عنهم بقوله : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي ما نحن إلا بشر مثلكم فما لا تستطيعونه أنتم لا نستطيعه نحن (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ (٥) يَشاءُ) أي إلا أن الله يمن على من يشاء بالنبوة
__________________
(١) الاستفهام إنكاري أي : لا شك في الله ، أي في وجوده ، وقدرته وعلمه وحكمته الموجبة لألوهيته ، وهي عبادته وحده لا شريك له.
(٢) هذا الوصف الكامل لله وهو مقتضى وجوده وألوهيته عزوجل.
(٣) على ما في التفسير (من) للتبعيض ، ويصح أن تكون زائدة ، والمغفرة لكل الذنوب لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله من سائر الذنوب.
(٤) أي : في الهيئة تأكلون كما نأكل وتشربون كما نشرب ، وتمرضون ، وتصحون مثلنا ولستم ملائكة.
(٥) ومما منّ الله به عليهم ، الحكمة والمعرفة والهداية إلى ما يوجب رضاه ومحبّته؟ وقيل : إنّ أعظم ما يمن به الله تعالى على عبده ذكره بأسمائه وصفاته.