(الْمُنْكَرَ) : أي الإنكار الدال عليه عبوس الوجه وتقطيبه.
(يَسْطُونَ) : يبطشون.
(بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) : هو النار.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في بيان هداية الله تعالى لرسوله والمؤمنين ودعوة المشركين الى ذلك قال تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا (١) مَنْسَكاً) أي ولكل أمة من الأمم التي مضت والحاضرة أيضا جعلنا لهم منسكا أي مكانا يتنسكون فيه ويتعبدون (هُمْ (٢) ناسِكُوهُ) أي الآن ، فلا تلتفت إلى ما يقوله هؤلاء المشركون ، ولا تقبل منهم منازعة في أمر واضح لا يقبل الجدل ، وذلك أن المشركين انتقدوا ذبائح الهدى والضحايا أيام التشريق ، واعترضوا على تحريم الميتة وقالوا كيف تأكلون ما تذبحون ولا تأكلون ما ذبح الله بيمينه وقوله تعالى لرسوله : (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) أي أعرض عن هذا الجدل الفارغ وادع إلى توحيد ربك وعبادته (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) أي طريق قاصد هاد إلى الإسعاد والاكمال وهو الإسلام وقوله : (وَإِنْ جادَلُوكَ) (٣) في بيان بعض المناسك والنسك فاتركهم فإنهم جهلة لا يعلمون وقل : (اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) أي وسيجزيكم بذلك حسنة وسيئة و (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) أي يقضي بينكم أيها المشركون فيما كنتم فيه تختلفون وعندها تعرفون المحق من المبطل منا وذلك يوم القيامة.
وقوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ (٤) ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) بلى إن الله يعلم كل ما في السموات والأرض من جليل ودقيق وجليّ وخفي وكيف لا وهو اللطيف الخبير. (إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) وهو اللوح المحفوظ فكيف يجهل أو ينسى ، و (إِنَّ ذلِكَ) أي كتبه
__________________
(١) سبق مثل هذا النزاع بين المؤمنين والمشركين في التذكية عند قول الله تعالى من سورة الأنعام : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وقوله تعالى : (فَلا يُنازِعُنَّكَ) معناه : أترك منازعتهم وأعرض عنهم ولا تلتفت إليهم.
(٢) سبق مثل هذه الآية في أوّل السورة وهو دال على أنّه لا إله إلا الله إذ وحدة التشريع تدل على وحدة المشرع عقلا ولا تنتقض.
(٣) في الآية الكريمة أسلوب المتاركة إذا لم تنفع المجادلة لعدم استعداد الخصم لقبول الحق أو تعذر معرفته له.
(٤) الاستفهام تقريري بالنسبة للرسول صلىاللهعليهوسلم والجملة تحمل التسلية له صلىاللهعليهوسلم والتخفيف مما يلاقي من جدال المشركين وعنادهم.