وحفظه في كتاب المقادير (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١) أي هين سهل ، لأنه تعالى على كل شيء قدير. هذا ما دلت عليه الآيات الأربع (٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠) وقوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) أي ويعبد أولئك المشركون المجادلون في بعض المناسك أصناما لم ينزل الله تعالى في جواز عبادتها حجّة ولا برهانا بل ما هو إلا إفك افتروه ، ليس لهم به علم ولا لآبائهم ، وسوف يحاسبون على هذا الإفك ويجزون به في ساعة لا يجدون فيها وليا ولا نصيرا إذ هم ظالمون بشركهم بالله آلهة مفتراة ويوم القيامة ما للظالمين من نصير. هذا ما دلت عليه الآية (٧١) وأما قوله تعالى : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) يخبر تعالى عن أولئك المشركين المجادلين بالباطل أنهم إذا قرأ عليهم أحد المؤمنين آيات الله وهى بينات في مدلوها تهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم (تَعْرِفُ) يا رسولنا (فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) (٢) أي تتغيّر وجوههم ويظهر عليها الإنكار على التالي عليهم الآيات (يَكادُونَ (٣) يَسْطُونَ) أي يبطشون ويقعون بمن يتلون عليهم آيات الله لهدايتهم وصلاحهم.
وقوله تعالى : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ (٤) بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) أي قل لهم يا رسولنا أفأنبكم بشر من ذلك الذي تكرهون وهو من يتلون عليكم آيات الله أنه النار التى وعدها الله الذين كفروا أي من أمثالكم ، وبئس المصير تصيرون إليه النار إن لم تتوبوا من شرككم وكفركم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير حقيقة وهي أن كل أمة من الأمم بعث الله فيها رسولا وشرع لها عبادات تعبده بها.
٢ ـ استحسان ترك الجدال في البدهيات والإعراض عن ما فيها.
٣ ـ تقرير علم الله تعالى بكل خفي وجلي وصغير وكبير في السموات والأرض.
__________________
(١) أي : الفصل بين المختلفين ككتابة كل كائن في كتاب المقادير كل ذلك على الله يسير إذ هو تعالى لا يعجزه شيء ، ويقول للشيء كن فيكون.
(٢) أي : الغضب والعبوس.
(٣) السطو : شدّة البطش يقال : سطا به يسطو : إذا بطش وسواء كان ذلك بسب وشتم أو ضرب ، وسطا عليه : إذا علاه ضربا وشتما.
(٤) (أَفَأُنَبِّئُكُمْ) الهمزة داخلة على محذوف أي : أتكرهون سماع القرآن ومن يقرأه فأنا أنبّئكم بشر من ذلك الذي تأذّيتم به وكرهتموه؟ وقوله : (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنهم قالوا : نبئّنا فقال : النار .. الخ.