(فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) : أي طلب ما دون زوجته وجاريته المملوكة شرعيا.
(فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) : أي الظالمون المعتدون على حدود الشرع.
(راعُونَ) : أي حافظون لأماناتهم وعهودهم.
(الْفِرْدَوْسَ) (١) : أعلى درجة في الجنة في أعلى جنة.
معنى الآيات :
قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (٢) يخبر تعالى وهو الصادق الوعد بفلاح المؤمنين وقد بين تعالى في آية آل عمران معنى الفلاح وهو الفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة ووصف هؤلاء المؤمنين المفلحين بصفات من جمعها متصفا بها فقد ثبت له الفلاح وأصبح من الوارثين الذين يرثون الفردوس يخلدون فيها وتلك الصفات هي :
(١) الخشوع في الصلاة بأن يسكن فيها المصلي فلا يلتفت فيها برأسه ولا بطرفه ولا بقلبه مع رقة قلب ودموع عين وهذه أكمل حالات الخشوع في الصلاة ، ودونها أن يطمئن ولا يتلفت برأسه ولا بعينه ولا بقلبه في أكثرها. هذه الصفة تضمنها قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) (٣).
(٢) إعراضهم عن اللغو وهو كل قول وعمل وفكر لم يكن فيه لله تعالى إذن به ولا رضى فيه ومعنى إعراضهم عنه : إنصرافهم عنه وعدم التفاتهم إليه ، وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ).
(٣) فعلهم الزكاة أي أداؤهم لفريضة الزكاة الواجبة من أموالهم الناطقة كالمواشي والصامتة كالنقدين والحبوب والثمار ، وفعلهم لكل ما يزكي النفس من الصالحات وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ).
(٤) حفظ فروجهم من كشفها ومن وطء غير الزوج أو الجارية المملوكة بوجه شرعي وقد تضمن هذه الصفة قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) في إتيان أزواجهم وما ملكت أيمانهم ، ولكن اللوم
__________________
(١) أخرج مسلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة).
(٢) روى أحمد والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب قوله : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل عليه الوحي نسمع عند وجهه كدوي النحل فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا ثم قال : لقد أنزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة : (قد أفلح المؤمنون) حتى ختم العشر.
(٣) كان السلف الصالح إذا قام أحدهم في صلاته يهاب الرحمن أن يمدّ بصره إلى شيء وأن يحدث نفسه بشيء من الدنيا ، وأبصر النبي صلىاللهعليهوسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال : (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه) والجمهور على أن الخشوع في الصلاة أحد فرائضها.