خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦))
شرح الكلمات :
(مِنْ سُلالَةٍ) : السلالة ما يستل من الشيء والمراد بها هنا ما استل من الطين لخلق آدم.
(نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) : النطفة قطرة الماء أي المني الذي يفرزه الفحل ، والقرار المكين الرحم المصون.
(الْعَلَقَةَ) : الدم المتجمد الذي يعلق بالإصبع لو حاول أحد أن يرفعه بأصبعه كمح البيض (١).
(الْمُضْغَةَ) : قطعة لحم قدر ما يمضغ الآكل.
(خَلْقاً آخَرَ) : أي غير تلك المضغة إذ بعد نفخ الروح فيها صارت إنسانا.
(أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) : أي الصانعين فالله يصنع والناس يصنعون والله أحسن الصانعين.
معنى الآيات :
يخبر تعالى عن خلقه الإنسان آدم وذريته وفي ذلك تتجلى مظاهر قدرته وعلمه وحكمته والتي أوجبت عبادته وطاعته ومحبته وتعظيمه وتقديره فقال : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) (٢) يعني آدم عليهالسلام (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) أي من خلاصة طين جمعه فأصبح كالحمإ المسنون فاستل منه خلاصته ومنها خلق آدم ونفخ فيه من روحه فكان بشرا سويا ولله الحمد والمنة
__________________
(١) هذه الجملة معطوفة على جملة : (قَدْ أَفْلَحَ) فهي من عطف جملة ابتدائية على مثلها : وهي كعطف قصة على أخرى ، وهذا شروع في الاستدلال على التوحيد والبعث والجزاء بمظاهر القدرة والعلم والحكمة ، وهي مقتضية لعقيدة كل من التوحيد والبعث الآخر حيث أنكرهما وكذّب بهما المشركون.
(٢) جائز أن يكون المراد بالإنسان آدم ، وأن يكون أحد ذريته إذ السلالة : الشيء المستل أي : المنتزع من غيره فالطينة مستلة من مادة الطين.
والمنيّ مستل كذلك من مادة ما يفرزه جهاز الهضم من الغذاء حين يصير دما ، وهذه السلالة مخرجة من الطين لأنها من الأغذية ، والأغذية أصلها من الأرض وقوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) هذا طور آخر للخلق وهو طور اختلاط السلالتين في الرحم ، وسميت النطفة نطفة : لأنها تنطف أي : تقطر في الرحم في قناة معروفة وهي القرار المكين.