معنى الآيات :
قوله تعالى : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (١) هذا جواب سؤالهم المتقدم حيث قالوا : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) (٢) وعلل تعالى لحكمه فيهم بالإبعاد في جهنم أذلاء مخزيين يقوله : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) وهو فريق المؤمنين المتقين (٣) يقولون (رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا) ذنوبنا (وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) أي يعبدوننا ويتقربون إلينا ويتوسلون بإيمانهم وصالح أعمالهم ويسألوننا المغفرة والرحمة وكنتم أنتم تضحكون من عبادتهم ودعائهم وضراعتهم إلينا وتسخرون (٤) منهم (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ) بصبرهم على طاعتنا مع ما يلاقون منكم من اضطهاد وسخرية. (أَنَّهُمْ (٥) هُمُ الْفائِزُونَ) برضواني في جناتي لا غيرهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان مدى حسرة أهل النار لما يجابون بكلمة : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ).
٢ ـ فضيلة التضرع إلى الله تعالى ودعائه والتوسل إليه بالإيمان وصالح الأعمال.
٣ ـ حرمة السخرية بالمسلم والاستهزاء به والضحك منه.
٤ ـ فضيلة الصبر ولذا ورد أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد.
__________________
(١) أي : أبعدوا في جهنم كما يقال لكلب : اخسأ أي : أبعد ، يقال : خسأ الكلب وأخساه لازم ومتعدّ. يروي عن ابن المبارك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثمّ يرد عليهم (إنكم ماكثون) والصحيح أنه يجيبهم بعد ألف سنة ، وعندها ينقطع رجاؤهم ودعاؤهم ويقبل بعضهم على بعض فيتنابحون كالكلاب وقد أطبقت عليهم النار.
(٢) الظلم : وضع الشي في غير موضعه وعابد غير الله تعالى واضع العبادة في غير موضعها فلذا هو ظالم. والشرك : ظلم عظيم.
(٣) كبلال وصهيب وعمّار وخباب من فقراء المسلمين الذين كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم ويسخرون منهم.
(٤) في الآية دليل على حرمة السخرية بالمسلم والاستهزاء به.
(٥) قرىء بفتح الهمزة أي : لأنهم هم الفائزون وقرىء بكسرها على الابتداء.