معنى الآيات :
يثني الرب تبارك (١) وتعالى على نفسه بأنه عظم خيره وعمت بركته المخلوقات كلها الذي نزل الفرقان الكتاب العظيم الذي فرق به بين الحق والباطل والتوحيد والشرك والعدل والظلم أنزله على عبده ورسوله محمد صلىاللهعليهوسلم ليكون (٢) للعالمين الإنس والجن نذيرا ينذرهم عواقب الكفر والشرك والظلم والشر والفساد وهي عقاب الله وعذابه في الدنيا والآخرة وقوله : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خلقا وملكا وعبيدا وهو ثناء بعد ثناء وقوله : (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ (٣) فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) وهو ثناء آخر عظيم أثنى تبارك وتعالى فيه على نفسه بالملك والقدرة والخلق والعلم والحكمة وقوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ (٤) دُونِهِ آلِهَةً) أصناما (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ) فضلا عن غيرهم من عابديهم (ضَرًّا وَلا نَفْعاً) أي دفع ضر ولا جلب نفع ، ولا يملكون موتا لأحد ولا حياة لآخر ولا نشورا (٥) للناس يوم القيامة. أليس هذا موضع تعجب واستغراب أمع الله الذي عمت بركته الأكوان وأنزل الفرقان ملك ما في السموات والأرض تنزه عن الولد والشريك وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وخلق كل شيء فقدره تقديرا يتخذون من دونه آلهة أصناما لا تدفع عن نفسها ضرا ولا تجلب لها نفعا ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا فسبحان الله أين يذهب بعقول الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ مظاهر ربوبية الله تعالى الموجبة لألوهيته وهو إفاضة الخير على الخلق والملك والقدرة والعلم والحكمة.
٢ ـ التنديد بالشرك والمشركين.
__________________
(١) للفظ تبارك دلالات كلها حق ، منها : تقدس ، وتعالى ، ودام وثبت إنعامه. قال الثعلبي : لا يقال : متبارك ولا مبارك لأنه يوقف في أسمائه تعالى وصفاته على ما ورد عنه في كتابه وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم قال الطّرمّاح :
تباركت لا معط لشيء منعته |
|
وليس لما أعطيت يا ربّ مانع |
(٢) (لِيَكُونَ) أي : من نزل عليه القرآن وهو محمد صلىاللهعليهوسلم للعالمين نذيرا في الآية دليل على عموم رسالته صلىاللهعليهوسلم ولم يكن هذا لغيره إلا نوحا بعد الطوفان ، فقد عمّت رسالته الإنس.
(٣) فيه ردّ على المجوس والثنوية القائلين : هناك خالقان خالق للظلمة وخالق للنور أو خالق للخير وخالق للشر ، وهو رأي عفن وجهل مظلم.
(٤) في هذه الجملة تعجب من اتخاذ المشركين آلهة دونه تعالى وهي جمادات لا حياة فيها ولا تملك نفعا ولا ضرا.
(٥) النشور : الإحياء بعد الموت قال الأعشى :
حتى يقول الناس مما رأوا |
|
يا عجبا للميّت الناشر |