(يَعْلَمُ السِّرَّ) : أي ما يسره أهل السماء والأرض وما يخفونه في نفوسهم.
(أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ) : أي من السماء فينفق منه ولا يحتاج معه إلى الضرب في الأسواق.
(جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) : بستان فيه ما يغنيه من أنواع الحبوب والثمار.
(رَجُلاً مَسْحُوراً) : مخدوعا مغلوبا على عقله.
(ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) : أي بالسحر والجنون والشعر والكهانة والكذب وما إلى ذلك (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) : فضلوا الطريق الحق وهو أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فلا يهتدون.
معنى الآيات :
يخبر تعالى عن أولئك المشركين الحمقى الذين اتخذوا من دون الله رب العالمين آلهة أصناما لا تضر ولا تنفع أنهم زيادة على سفههم في اتخاذ الأحجار آلهة يعبدونها قالوا في القرآن الكريم والفرقان العظيم ما هو إلا إفك أي كذب اختلقه محمد وأعانه عليه قوم (١) آخرون يعنون اليهود ساعدوه على الإتيان بالقرآن. فقد جاءوا بهذا القول الكذب الممقوت ظلما وزورا ظلما لأنهم جعلوا القرآن المعجز الحامل للهدى والنور جعلوه كذبا وجعلوا البريء من الكذب والذي لم يكذب قط كاذبا فكان قولهم فيه زورا وباطلا. وقوله تعالى : (وَقالُوا أَساطِيرُ (٢) الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) هذه الآية نزلت ردا على شيطان قريش النضر بن الحارث إذ كان يأتي الحيرة ويتعلم أخبار ملوك فارس ورستم. وإذا حدث محمد صلىاللهعليهوسلم قومه محذرا إياهم أن يصيبهم ما أصاب الأمم قبلهم فإذا قام صلىاللهعليهوسلم من المجلس جاء هو فجلس وقال تعالوا أقص عليكم إني أحسن حديثا من محمد ، ويقول إن ما يقوله محمد هو من أكاذيب القصاص وأساطيرهم التي سطروها في كتبهم فهو يحدث بها وهي تملى عليه أي يمليها عليه غيره صباحا ومساءا فرد تعالى هذه الفرية بقوله لرسوله : (قُلْ (٣) أَنْزَلَهُ) أي القرآن
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما : (قَوْمٌ آخَرُونَ) هم : أبو فكيهة مولى بن الحضرمي وعدّاس وجبر ، وكان هؤلاء الثلاثة من أهل الكتاب.
(٢) هذه الجملة ردّ على من زعم من المشركين أنّ محمدا يتلقى القرآن من أهل الكتاب وذكر السرّ دون الجهر لأنّ من علم السر فهو بالجهر أعلم وأمر آخر : لو كان القرآن مأخوذا عن أهل الكتاب لما كان فيه زيادة عمّا عندهم في حين أنّ فيه من العلوم والمعارف ما لا يخطر حتى على البال ولو لم يكن كذلك لقدروا على الإتيان بسورة من مثله.
(٣) الأساطير : جمع أسطورة كأحاديث جمع أحدوثة. وقال بعضهم إنها جمع أسطار كأقوال وأقاويل : (تُمْلى) أصلها : تملل فأبدلت اللام الأخيرة ياء من التضعيف.