الأسواق بل تكذيبهم بالبعث والجزاء هو السبب في ذلك.
(تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) : أي صوتا مزعجا من تغيظها على أصحابها المشركين بالله الكافرين به.
(مُقَرَّنِينَ) : أي مقرونة أيديهم مع أعناقهم في الأصفاد.
(دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) : أي نادوا يا ثبورنا أي يا هلاكنا إذ الثبور الهلاك.
(كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً) : أي ثوابا على إيمانهم وتقواهم ، ومصيرا صاروا إليها لا يفارقونها.
(وَعْداً مَسْؤُلاً.) : أي مطالبا به إذ المؤمنون يطالبون به قائلين ربنا وآتنا ما وعدتنا والملائكة تقول ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في الرد على مقترحات المشركين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذ قالوا لو لا أنزل إليه ملك ، أو يلقى إليه كنز وتكون له جنة يأكل منها فقال تعالى : لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (تَبارَكَ (١) الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) أي الذي اقترحوه وقالوا خذ لنفسك من ربك بعد أن رفضت طلبهم بترك دعوتك والتخلي عن رسالتك (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي من خلال أشجارها وقصورها ، (٢) (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) لا قصرا (٣) واحدا كما قالوا ، ولكنه لم يشأ ذلك لك من هذه الدار لأنها دار عمل ليست دار جزاء وراحة ونعيم فربك قادر على أن يجعل لك ذلك ولكنه لم يشأه والخير فيما يشاءه فاصبر فإن المشركين لم يكن المانع لهم من الإيمان هو كونك بشرا تأكل الطعام وتمشي في الأسواق ، أو أن الله تعالى لم ينزل إليك ملكا بل المانع هو تكذيبهم بالساعة فعلة كفرهم وعنادهم هي عدم إيمانهم بالبعث والجزاء فلو آمنوا بالحياة الثانية لطلبوا كل سبب ينجي من عذابها ويحصل نعيمها (بَلْ كَذَّبُوا (٤) بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ) (٥) أي القيامة (سَعِيراً) أي نارا مستعرة أو هي دركة من دركات النار تسمى سعيرا.
__________________
(١) أي : إن شاء جعل لك خيرا من ذاك الذي اقترحه المشركون عليك وأن معنى لو الشرطية وجواب الشرط محذوف. أي :
لجعل ولكن لم يشأ ذلك لأنه غير لائق بمقامك في هذه الدار وهو لك في الآخرة.
(٢) قرىء ويجعل بالرفع على الاستئناف ، وقراءة الأكثر بالجزم على محل الشرط : إن شاء جعل لك.
(٣) القصر في اللغة : كل بناء رفيع عال حصين. وأما البيت فقد يكون من لبن وطين وقد يكون من شعر.
(٤) (بَلْ) : هنا للاضراب والانتقال. إضراب على جواب اقتراحهم ، وانتقال إلى ذكر علة كفرهم وعنادهم واقتراحهم ما اقترحوه ، وهو تكذيبهم بالبعث الآخر ، إذ هو سبب عنادهم وكفرهم وفسادهم.
(٥) (بِالسَّاعَةِ) : اسم غلب على عالم الخلود. تسمية باسم مبدئه وهو ساعة البعث.