(ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) : أي أزلناه بضوء الشمس على مهل جزءا فجزءا حتى ينتهي.
ثم جعلنا الليل لباسا : أي يستركم بظلامه كما يستركم اللباس.
(وَالنَّوْمَ سُباتاً) : أي راحة لأبدانكم من عناء عمل النهار.
(وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) : أي حياة إذ النوم بالليل كالموت والانتشار بالنهار كالبعث.
(بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) : أي مبشرة بالمطر قبل نزوله ، والمطر هو الرحمة.
(ماءً طَهُوراً) : أي تتطهرون به من الأحداث والأوساخ.
(لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) : أي بالزروع والنباتات المختلفة.
(أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) : أي حيوانا وأناسا كثيرين.
(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ) : أي المطر فينزل بأرض قوم ولا ينزل بأخرى لحكم عالية.
(لِيَذَّكَّرُوا) : أي يذكروا فضل الله عليهم فيشكروا فيؤمنوا ويوحدوا.
(فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) : أي فلم يذكروا وأبى أكثرهم إلا كفورا جحودا للنعمة.
معنى الآيات :
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلى (١) رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (٢) هذا شروع في ذكر مجموعة من أدلة التوحيد وهي مظاهر لربوبية الله تعالى المقتضية لألوهيته فأولا الظل وهو المشاهد من وقت الإسفار إلى طلوع الشمس وقد مدّه الخالق عزوجل أي بسطه في الكون ، ثم تطلع الشمس فتأخذ في زواله وانكماشه شيئا فشيئا ، ولو شاء الله تعالى لجعله ساكنا لا يبارح ولا يغادر ولكنه حسب مصلحة عباده جعله يتقاصر ويقبض حتى تقف الشمس في كبد السماء فيستقر ثم لما تدحض الشمس مائلة إلى الغروب يفيء أي يرجع شيئا فشيئا فيطول تدريجيا لتعرف به ساعات النهار وأوقات الصلوات حتى يبلغ من الطول حدا كبيرا كما كان في أول النهار ثم يقبض قبضا يسيرا خفيا سريعا حين تغرب الشمس ويغشاه ظلام الليل. هذه آية من آيات قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته بعباده تجلت في الظل الذي
__________________
(١) جائز أن تكون الرؤية هنا بصرية وعلمية معا إذ بالعين يشاهد الظل وزواله وبالقلب يعلم ذلك كذلك.
(٢) الظل بالغداء والفيء بالعشي قال الشاعر :
فلا الظل من برد الضحا نستطيعه |
|
ولا الفيء من برد العشي نذوق |