وإقامة.
(ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) : أي ما يكترث ولا يعتد بكم ولا يبالي.
(لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) : إياه ، ودعاؤه إياكم لعبادته بذكره وشكره.
(فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) : أي العذاب لزاما أي لازما لكم في بدر ويوم القيامة.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في ذكر صفات عباد الرحمن الذي تجاهله المشركون وقالوا : وما الرحمن فها هي ذي صفات عباده دالة عليه وعلى جلاله وكماله ، وقد مضى ذكر خمس صفات :
والسادسة : في قوله تعالى (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (١) الزور هو الباطل والكذب وعباد الرحمن لا يحضرون مجالسه ولا يقولونه ولا يشهدونه ولا ينطقون به (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) (٢) وهو كل عمل وقول لا خير فيه (مَرُّوا) (٣) (كِراماً) أي مكرمين أنفسهم من التلوث به ، بالوقوع فيه.
والسابعة : في قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) أي إذا ذكرهم أحد بآيات القرآن كتاب ربهم عزوجل لم يحنوا رؤوسهم عليها صما حتى لا يسمعوا مواعظها ولا عميانا حتى لا يشاهدوا آثار آياتها بل يحنون رؤوسهم سامعين لها واعين لما تقوله وتدعو إليه مبصرين آثارها مشاهدين وقائعها متأثرين بها.
والثامنة : فى قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ) أي في دعائهم (رَبَّنا هَبْ لَنا) أي أعطنا (مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) (٤) أي ما تقر به أعيننا وذلك بأن نراهم يتعلمون الهدى ويعملون به طلبا لمرضاتك يا ربنا (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ) من عبادك الذين يتقون سخطك
__________________
(١) قيل في الزور : إنه كل باطل زور وزخرف وأعظمه الشرك وتعظيم الأنداد وقال ابن عباس : إنه أعياد المشركين وقال عكرمة : اللعب كان في الجاهلية يسمى الزور ، وقال مجاهد : الغناء : ويطلق اليوم على التصوير والصور إذ هو الزور والكذب قطعا. والحكم في شاهد الزور أن يجلد أربعين جلدة ويسخم وجهه ويحلق رأسه ويطاف به في السوق بهذا حكم عمر رضي الله عنه. وتسخيم الوجه أن يسود بالفحم.
(٢) (بِاللَّغْوِ) : كل سقط من قول أو فعل فيدخل فيه الغناء واللهو وذكر النساء وغير ذلك من المنكر ، وقال بعضهم اللغو كل قول أو عمل لم يحقق لك درهما لمعاشك ولا حسنة لمعادك.
(٣) (كِراماً) : أي معرضين منكرين لا يرضونه ولا يمالئون عليه ولا يجالسون أهله.
(٤) قرة العين مأخوذ من القرّ وهو البرد إذ دموع الفرح باردة ودموع الحزن حارة قال الشاعر :
فكم تسخّنت بالأمس عين قريرة |
|
وقرّت عيون دمعها اليوم ساكب |
ومن ثم قالوا في الدعاء : اقر الله عينك أي : أفرحك.