وظلمهما واستعلائهما وذلك بعدما جاءهم موسى بالبينات من الآيات والحجج الواضحات التي لم تبق لهم عذرا في التخلف عن الإيمان والتقوى ولكن (فَاسْتَكْبَرُوا (١) فِي الْأَرْضِ) ، أرض مصر وديارها فرفضوا الإيمان والتقوى (وَما كانُوا سابِقِينَ) ولا فائتين فأحلّ الله تعالى بهم. نقمته وأنزل بهم بأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين. ثم في الآية الأربعين من هذا السياق بين تعالى أنواع العذاب الذي أهلك به هؤلاء الأقوام ، فقال : (فَكُلًّا) (٢) أي فكل واحد من هؤلاء المكذبين (أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ (٣) مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) أي ريحا شديدة كعاد. (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) كثمود (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) كقارون (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) كفرعون ، وقوله تعالى. (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) أي لم يكن من شأن الله تعالى الظلم فيظلمهم ، (وَلكِنْ كانُوا) أي أولئك الأقوام (أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالشرك والكفر والتكذيب والمعاصي فأهلكوها بذلك ، فكانوا هم الظالمين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن الشيطان هو سبب هلاك الأقوام وذلك بتزيينه لهم الشر والقبيح كالشرك والباطل والشر والفساد.
٢ ـ بيان أن الاستكبار كالظلم عاقبتهما الهلاك والخسران.
٣ ـ بيان أن الله تعالى ما أهلك أمة حتى يبين لها ما يجب أن تتقيه (٤) من أسباب الهلاك والدمار فإذا أبت إلا ذاك أوردها الله موارده.
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
__________________
(١) إن فرعون وهامان وقارون شأنهم شأن أبي جهل والعاص بن وائل والنضر بن الحارث ما حملهم على الكفر والعناد إلّا الاستكبار في البلاد.
(٢) (فَكُلًّا) : الفاء للتفريع على ما سبق : قوله تعالى : (وَعاداً) إذ التنوين عوض عن كلمة أي : فكل واحد ممّن ذكروا من عاد إلى قارون أخذ الله أي : أهلك بذنبه ، ولم يظلمهم الله تعالى بإهلاكه إيّاهم.
(٣) الفاء للتفريع إذ هذا التفصيل بعد الفاء متفرع عن ذلك الإجمال المذكور في قوله : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ).
(٤) شاهده في قول الله تعالى من سورة التوبة : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) والإضلال سبيل الهلاك وطريقه.