شرح الكلمات :
(أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) : بينوا لي فيه وجه الصواب ، وما هو الواجب اتخاذه إزاءه.
(ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً) : أي قاضيته.
(حَتَّى تَشْهَدُونِ) : أي تحضروني وتبدوا رأيكم فيه.
(وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) : أي أصحاب قوة هائلة مادية وأصحاب بأس شديد في الحروب.
(إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً) : أي مدينة وعاصمة ملك.
(أَفْسَدُوها) : أي خربوها إذا دخلوها عنوة بدون مصالحة.
(وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) : أي وكالذي ذكرت لكم يفعل مرسلو هذا الكتاب.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم عن حديث قصر الملكة بلقيس وها هي ذي تقول لرجال دولتها ما حكاه تعالى عنها بقوله (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي (١) فِي أَمْرِي) أي أشيروا علي بما ترونه صالحا (ما كُنْتُ قاطِعَةً (٢) أَمْراً) أي قاضية باتّة فيه (حَتَّى (٣) تَشْهَدُونِ) أي تحضرونى وتبدوا فيه وجهة نظركم. فأجابها رجالها بما أخبر تعالى به عنهم (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ) عسكرية من سلاح وعتاد وخبرة (وَأُولُوا بَأْسٍ (٤) شَدِيدٍ) عند خوضنا المعارك (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي (٥) ما ذا تَأْمُرِينَ) به فأمري ننفّذ إنا طوع يديك.
فأجابتهم بما حكاه الله تعالى عنها (قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً) أي مدينة عنوة بدون صلح. (أَفْسَدُوها) أي خربوا معالمها وبدلوا وغيروا فيها ، (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) بضربهم وإهانتهم وخلعهم من مناصبهم. (وَكَذلِكَ) أصحاب هذا الكتاب (يَفْعَلُونَ) (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ (٦) بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) أي الذين نرسلهم من
__________________
(١) الإفتاء : الإخبار بالفتوى وهي : إزالة مشكل يعرض ، والأمر : الحال المهم وإضافته إلى نفسها ، لأنها المخاطبة في كتاب سليمان ، ولأنها المضطلعة بشؤون الدولة ولذا يقال للحاكم وعالم الدين : وليّ الأمر.
(٢) (قاطِعَةً أَمْراً) عاملة عملا لا تردد فيه بالعزم على أن تجيب به سليمان.
(٣) حذفت ياء المتكلم منه تخفيفا ، وحذفت نون الرفع للناصب وبقيت نون الوقاية والمراد من شهودهم : موافقتهم لها على ما تعزم عليه إزاء الكتاب.
(٤) البأس : الشدة على العدو ، ومنه (وَحِينَ الْبَأْسِ) أي : في مواقع القتال في جوابهم هذا تصريح بأنهم مستعدون للحرب دفاعا عن مملكتهم.
(٥) فوّضوا الأمر إليها لثقتهم بأصالة رأيها وخبرتها السياسية.
(٦) دبرت أن تتفادى الحرب بطريقة المصانعة والتزلف إلى سليمان بالهدية مصحوبة بكتاب ووفد ، وعلى ضوء عودة الوفد تتصرف في الأمر.