(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : أي أنهم شركاء لله في ألوهيته.
(لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) : أي ملكا استقلاليا لا يشاركهم الله فيه.
(وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ) : أي وليس لهم من شركة في السموات ولا في الأرض.
(وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) : أي وليس لله تعالى من شركائكم الذين تدعونهم من معين على شيء.
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) : أي ولا تنفع الشفاعة أحدا عنده حتى يأذن هو له بها.
(حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) : أي ذهب الفزع والخوف عنهم بسماع كلم الرب تعالى.
(قالُوا : ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟) : أي قال بعضهم لبعض لبعض استبشارا ما ذا قال ربكم؟ قالوا الحق أي في الشفاعة.
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) : العلي فوق كل شيء علوّ ذات وقهر وهو الكبير المتعالي الذي كل شيء دونه.
معنى الآيات :
لما ذكر تعالى ما حدث لسبأ من تقلبات وكان عامل ذلك هو تزيين الشيطان وإغواؤه أخبر تعالى عن حال الناس كل الناس فقال (لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ (١) إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) أي فيهم لما علم ضعفهم أمام الشهوات فاستعمل تزيينها كسلاح لحربهم (فَاتَّبَعُوهُ) فيما دعاهم إليه من الشرك والإسراف والمعاصي (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وهم المؤمنون الصادقون في إيمانهم الذين أسلموا لله وجوههم وهم عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سبيل لإغوائهم فإنهم لم يتبعوه. هذا ما دلت عليه الآية (٢٠) وقوله تعالى : (وَما كانَ لَهُ) أي للشيطان (عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍ) أي قوة مادية ولا معنوية من حجج وبراهين ، وإنما أذن له في التحريش والوسواس والتزيين وهذا الإذن لعلة وهي ظهور حال الناس ليعلم من (٢) يؤمن بالآخرة وما فيها من جنات ونيران ، وقد حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات فالمؤمنون بالآخرة يتحملون مشاق التكاليف فينهضون بها ويتجنبون الشهوات فينجون من النار ويدخلون الجنة ، والذين لا يؤمنون بالآخرة لا ينهضون بواجب ولا يتجنبون حراما فيخسرون أنفسهم
__________________
(١) قرأ نافع والجمهور صدق بتخفيف الدال وقرأ حفص (صَدَّقَ) بالتضعيف والجملة يبدو أنها معطوفة على قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ) وهو قول كفار مكة وما بين هذه الآيات وتلك اعتراض للعظة والاعتبار والمقصود من هذه الآية تنبيه المؤمنين إلى مكايد الشيطان وسوء عاقبة من يتبعه حتى يلعنوه ولا يتبعوه. قال الحسن لما اهبط آدم وحواء عليهماالسلام من الجنة إلى الأرض وهبط إبليس قال ابليس أما إذا أصبت من الأبوين ما أصبت فالذرية أضعف وأضعف فكان ذلك ظنا من ابليس فأنزل الله تعالى لقد صدق عليهم إبليس ظنه.
(٢) أي علم الشهادة والظهور الذي يتم به الثواب والعقاب فأما علم الغيب فقد علمه تبارك وتعالى فقوله تعالى ، (إِلَّا لِنَعْلَمَ) الخ ... جواب لقوله وما كان له عليهم من سلطان.