والمشركون هم في الضلال المبين ، وإنما شككهم تلطفا بهم لعلهم يفكرون فيهتدون.
(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) : أي أنكم لا تسألون عن ذنوبنا.
(وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) : أي ولا نسأل نحن عما تعملون. وهذا تلطفا بهم أيضا ليراجعوا أمرهم ، ولا يحملهم الكلام على العناد.
(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) : أي قل لهم سيجمع بيننا ربّنا يوم القيامة ويفصل بيننا بالحق وهذا أيضا تلطف بهم وهو الحق.
(قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) : أي قل لهؤلاء المشركين أروني شركاءكم الذين عبدتموهم مع الله فإن أروه إياهم أصناما لا تسمع ولا تبصر قامت الحجة عليهم. وقال لهم أتعبدون ما تنحتون وتتركون الله الذي خلقكم وما تعملون؟!
(كَلَّا بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : كلا : لن تكون الأصنام أهلا للعبادة بل المعبود الحق الواجب العبادة هو الله العزيز الحكيم.
(كَافَّةً لِلنَّاسِ) : أي لجميع الناس أي عربهم وعجمهم.
(بَشِيراً وَنَذِيراً) : بشيرا للمؤمنين بالجنة ، ونذيرا للكافرين بعذاب النار
(قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ) : هو يوم القيامة.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تبكيت المشركين وإقامة الحجج عليهم بتقرير التوحيد وإبطال التنديد فقال تعالى للرسول صلىاللهعليهوسلم سل قومك مبكتا لهم : (قُلْ مَنْ (١) يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بإنزال الأمطار وإرسال الرياح لواقح وإنبات النباتات والزروع والثمار وتوفير الحيوان للحم واللبن ومشتقاته؟ وإن تلعثموا في الجواب أو ترددوا خوف الهزيمة العقلية فأجب أنت قائلا الله. إذ ليس من جواب عندهم سواه.
وقوله (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى (٢) هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) هذا أسلوب التشكيك وحكمته التلطف
__________________
(١) لما أبطل بتلك الحجج آلهة المشركين حيث دعاؤها لا يجدي نفعا للداعين لأنهم لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا شفاعتها تنفع عابديها قرر بهذه الآيات استحقاق الله تعالى للعبادة دون غيره ، واستعمل اسلوب الجدل لإقامة الحجة على الخصم فقال : قل من يرزقكم.
(٢) واياكم معطوف على محل اسم إن المنصوب والجملة معطوفة على الاستفهام (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ) الخ وهذا يقال له اسلوب المنصف وهو أن لا يذكر المجادل لمن يجادله ما يغيظه أو يثير حفيظته رجاء هدايته إلى الحق.