(عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) : أي كنتم في الدنيا تكذبون بالبعث والجزاء وهو الجنة أو النار.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء والتوحيد. قال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم واذكر (يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) (١) أي المشركين (جَمِيعاً) فلم نبق منهم أحدا ، ثم نقول للملائكة وهم أمامهم تقريرا للمشركين وتأنيبا : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (٢) فتتبرأ الملائكة من ذلك وينزهون الله تعالى عنه الشرك فيقولون : (سُبْحانَكَ) أي تنزيها لك عن الشرك وتقديسا (أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) أما هم فلا ولاية بيننا وبينهم (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ) (٣) أي الشياطين (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) أي مصدقون فأطاعوهم في عبادة الأصنام وعصوك وعصوا رسلك فلم يعبدوك ولم يطيعوا رسلك.
وقوله تعالى (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) أي يقال لهم هذا القول تيئيسا وإبلاسا أي قطعا لرجائهم في أن يشفعوا لهم. وقوله تعالى (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) وهم المشركون (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي كنتم تكذبون بها في الدنيا فذوقوا اليوم عذابها. والعياذ بالله من عذاب النار.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير لعقيدة البعث والجزاء بذكر بعض أحوالها.
٢ ـ أن من كانوا يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين إنما كانوا يعبدون الشياطين إذ هى التى زينت لهم الشرك. أما الملائكة والأنبياء والأولياء فلم يرضوا بذلك منهم فضلا عن أن يأمروهم به.
٣ ـ بيان توبيخ أهل النار بتكذيبهم في الدنيا بالآخرة وكفرهم بوجود نار يعذبون بها يوم القيامة.
__________________
(١) هذا الكلام متصل بما قبله وهو قوله تعالى ولو ترى إذ الظالمون موقوفون إذ السياق كله في تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرض أحوال أهل النار وما يجري لهم من أمور.
(٢) هذا كقوله تعالى (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟) وهو سؤال تقريع وتوبيخ لا للمسؤل ولكن لعابديه من الإنس والجن.
(٣) روى أن بني مليح من خزاعة كانوا يعبدون الجن ويزعمون أن الجن تتراءى لهم وأنهم الملائكة وأنهم بنات الله ، وهو قوله تعالى في سورة الصافات «وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا».