رسوله بما يطمئنه على نصر الله تعالى له فقال (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا (١) الْمُرْسَلِينَ) وهي قوله (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ).
أي بالحجة والبرهان ، وبالرمح (٢) والسنان. وقوله (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) يأمر رسوله أن يعرض عن المشركين من قومه حتى حين يأمره فيهم بأمر (٣) ، أو ينزل بهم بلاء أو بأسا وقوله (وَأَبْصِرْهُمْ) أي أنظرهم فسوف يبصرون لا محالة ما ينزل بهم من عذاب الله في الدنيا وفي الآخرة. وقوله تعالى (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) ، ينكر تعالى عليهم استعجالهم العذاب الدال على سفههم وخفة أحلامهم إذ ما يستعجل العذاب إلا أحمق جاهل وعذاب من استعجلوا إنه عذاب الله!! قال تعالى (فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ) أي بفناء دارهم (فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) أي بئس صباحهم من صباح إنه صباح هلاكهم ودمارهم ثم أمر تعالى مرة أخرى رسوله أن يتول عنهم وينتظر ما يحل بهم فقال (وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْ (٤) فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) وفي الآية من التهديد والوعيد لهؤلاء المشركين ما لا يقادر قدره. وأخيرا نزه تعالى نفسه عما يصفه به المشركون من الولد والشريك وسلّم على المرسلين ، وحمد نفسه مشيرا إلى مقتضى الحمد وموجبه وهو كونه رب العالمين فقال (سُبْحانَ (٥) رَبِّكَ) يا محمد (رَبِّ الْعِزَّةِ) ومالكها يعز بها من يشاء ويذل من يشاء (عَمَّا يَصِفُونَ) (٦) من الصاحبة والولد والشريك ، (وَسَلامٌ) منا (عَلَى الْمُرْسَلِينَ) وأنت منهم (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على نصره أولياءه وإهلاكه أعداءه.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير النبوة المحمدية.
٢ ـ وعد الله تعالى لرسوله بالنصر وقد أنجزه ما وعده والحمد لله.
٣ ـ استحباب ختم الدعاء أو الكلام بقراءة جملة (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ (٧) عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) لورود ذلك في السنة.
__________________
(١) جائز أن يكون المراد قوله تعالى (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) الآية.
(٢) قال الحسن : لم يقتل من أصحاب الشرائع أحد قط.
(٣) كإذن له صلىاللهعليهوسلم بجهادهم ، وجائز أن يكون حتى يجيء أجلهم أو يأتي يوم بدر أو الفتح
(٤) كرر للتأكيد ، وكذا وتول عنهم مكرر للتأكيد.
(٥) سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قوله تعالى (سبحان الله) فقال هو تنزيه الله عن كل سوء.
(٦) يصفون الله عزوجل بأن له صاحبة وله ولدا وشريكا.
(٧) ذكر القرطبي أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يختم صلاته غير مرة بقول : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).