ذي النفس الأبية ، والهمم العلية ، والأخلاق المرضية ، والأعلاق الزكية ، ملجأ الأنام ، وواحد الليالي والأيام عزّ الدنيا والدين ، أبي المظفر عبد العزيز بن جعفر النيسابوري (١) ـ أعزّ الله ببقائه الطائفة وحرس به الملّة ـ فألفيته من أخصّ الأولياء لأولاد سيّد الأنبياء مع ما خصّه الله تعالى به من العلم وحباه من مزيد الفهم ، فهو للعلماء والد عطوف ، ولمعاناة أحوالهم برّ رءوف ، يتواضع لهم مع علوّ مرتبته ، ويرفع من خاملهم (٢) مع شرف منزلته ، فشملني بإنعامه ، وأحلّني محلّ إكرامه ، حتّى أنساني الأهل والبلد ، وأصدفني (٣) عن المال والولد.
أشار إليّ بإملاء مختصر في الإمامة أنقّح فيه الأدلّة والبيّنات واقرّر فيه الأسئلة والجوابات ، فهممت أن أعتذر لمشقّة السفر وما يستلزمه من تشعّب الأذهان ، ومفارقة الأهل والأوطان ، ثمّ كرهت أن ينسب ذلك إلى تقصير منّي في خدمته وأداء بعض ما وجب عليّ من شكر نعمته فبادرت في امتثال أمره وسألت الله أن يفسح في مدّة عمره وأن يجعل ما كتبت حجة لي لا عليّ إنّه المنّان ذو الفضل والإحسان.
ورتّبته على مقدمة وثلاثة أبواب :
__________________
(١) راجع ترجمته في مقدمة الكتاب.
(٢) الخامل : قليل الذكر والاسم.
(٣) أصدفه : صرف بوجهه عنه.