وعن الثاني : أنّا بيّنا أنّه يجب أن يكون أفضل ، قوله : «في الحقيقة أو في الظاهر» قلنا : بل في الحقيقة ، سلّمنا أنّ أفضليته في الظاهر معتبرة لكن لا نسلّم أنّه يكتفى باختياره ، بل لا بدّ فيه من التنصيص ، والقياس على الامراء أو أئمة الصلاة ، قد بيّنا الفرق بين إمام الأصل والمذكورين.
قوله : «يجوز مع نصّ الله تعالى على أفضلية قوم أن يفوّض إلينا اختيارهم».
قلنا : لا نسلّم ، فإنّا بيّنا أنّ الأفضلية تستلزم التعيين فيكون الاختيار هدرا ، وبالله التوفيق.
النوع الثاني : في الاستدلال ، بيانه من وجوه :
الأوّل : أنّ الضرورة قاضية بعد الخوض في أمر الدين أنّ السياسة هي التي يقوم عليها الدين ولا يتمّ بدونها ، ثمّ إنّه قد علم من حال الرسول صلىاللهعليهوآله أنّه كان يسوس أمّته كما يسوس الوالد أولاده الصغار ، ومصداق ذلك قوله صلىاللهعليهوآله : «إنّما أنا لكم كالوالد الشفيق» أو قال : «أنا لكم كالوالد لولده فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» (١) ، ثمّ إذا كان الوالد تجب عليه الوصية بأولاده الصغار عند موته فلأن يجب عليه أن يوصي بامّته إلى أحد يقوم فيهم مقامه وينفّذ فيهم أمر الدين ويحفظه يكون أولى.
الثاني : أنّه عليهالسلام قد شاع وتظاهر عنه مبالغته في بيان أحكام الشرع من
__________________
(١) الحديث ٢٥٨٠ من الجامع الصغير للسيوطي عن مسند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجة.