رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإذا ثبت أنّه عليهالسلام نبّههم على جوازه كان قد بيّن لهم أمر الإمامة كما بيّن لهم سائر الشرائع. وهذا هو الاعتراض أيضا على الثالث.
لأنّا نجيب عن الأوّل : بأنّا ما ادّعينا أنّه يلزمه في أمّته كلّ ما يلزم الوالد مع أولاده ، بل بيّنا أنّه إذا كان قد وجب على الوالد أن يوصي بأولاده الصغار مع أنّ أمرهم جزئي من جزئيات أحوال الخلق فوصية الرسول صلىاللهعليهوآله بأمّته الذين هم كلّ الناس في الحقيقة يكون بطريق الأولى.
وعن الثاني : لا نسلّم أنّ الإجماع حجّة ، سلّمناه ، ولكن لا نسلّم على أنّ الإجماع انعقد على ذلك ، فإنّ كثيرا من الصحابة لم يكن حاضرا ، وكثير منهم لم يكن راضيا ، وبالجملة فعليكم حصر الصحابة ليتمّ لكم الإجماع.
وأمّا الخبر الوارد في ذكر الشيخين فلا نسلّم صحّته ، ثمّ إن سلّمناه لكن لا دلالة فيه على صلاحيتهما للاختيار ، فإنّ ذكر قوّتهما في الدين لا يوجب صحّة اختيارهما ، فإنّ غيرهما من أكابر الصحابة كانوا أقوى منهما في الدين ، فلو كانت القوّة في هذين الأمرين موجبة للاختيار لما كانا أولى بالتعيين ، بل نقول : إنّ هذا الخبر كأنّ فيه تنبيها عظيما للصحابة على وجوب نصب علي عليهالسلام وتعيّنه دونهما ؛ لأنّ مقصوده الأوّل إلى الإقامة (١) إنّما هو هداية الخلق الطريق المستقيم ممّن هو مهتد في نفسه ، فإنّه لا يصلح لمثل هذا الأمر إلّا من كان كاملا في نفسه قادرا على تكميل غيره من الناقصين. فلذلك نبّه الصحابة على وجوب اتباعه صلّى الله عليهما بقوله : «هاديا مهديا» وإنّما احتاج هاهنا إلى هذه الرموز لما يعلم أنّ أكثر الصحابة كانوا بطباعهم الحيوانية يرغبون عن علي عليهالسلام ، وتنفر قلوبهم منه ، وهذا أمر ظاهر لو كانت لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها.
__________________
(١) كذا في النسختين ، ولعلّ الصواب : لأنّ المقصود الأوّل من الإمامة إنّما هو ...