النار موجهة إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى ، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك ، وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عام في الكفّار وجميع فسّاق أهل الصلاة.
واتّفقت الإمامية على أنّ من عُذِّب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة لم يخلد في العذاب وأُخرج من النار إلى الجنة ، فينعم فيها على الدوام ووافقهم على ذلك من عددناهم ، وأجمعت المعتزلةُ على خلاف ذلك وزعموا أنّه لا يخرج من النار أحدٌ دخلها للعذاب (١).
نعم ، نسب العلامة الحلي في «كشف المراد» تلك العقيدة إلى بعض المعتزلة لا إلى جميعهم (٢) ، وكذلك نظامُ الدين القوشجي في «شرحه على التجريد» (٣).
وقد خالفهم أئمة المسلمين وعلماؤهم في هذا الموقف وقالوا بجواز العفو عن العصاة عقلاً وسمعاً.
أمّا العقل فلأنّ العقاب حق لله تعالى فيجوز تركه.
وأما السمع ، فللآيات الدالة على العفو في ما دون الشرك ، قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (النساء / ٤٨).
__________________
(١) المفيد : أوائل المقالات : ١٤.
(٢) العلّامة الحلّي : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٢٦١ ، ط. صيدا.
(٣) نظام الدين القوشجي : شرح التجريد : ٥٠١.