وعلى ذلك فلو كان الشفيع أحد الشهداء في سبيل الله تعالى فهل يكون هذا المطلب لغواً؟!
٢ ـ إنّ القران يعدّ النبي شهيداً على الأُمم جمعاء ، ويقول سبحانه : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (النساء / ٤١).
فالآية تصرّح بأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاهد على الشهود الذين يشهدون على أُممهم فإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاهداً على الأُمم جمعاء ، أو على شهودهم فهل تعقل الشهادة بدون الحياة ، وبدون الاطلاع على ما تجري فيهم من الأُمور من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان؟! ولا يصح لك أن تفسّر شهادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بشهادته على معاصريه فقط ، وذلك لأنّه سبحانه عدّ النبي شاهداً في عداد كونه مبشّراً ونذيراً ، وهل يتصوّر أحدٌ أن يختص الوصفان الأخيران بمن كان يعاصر النبي؟! كلّا. فإذن لا وجه لتخصيص كونِهِ شاهداً على الأُمة المعاصرة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣ ـ الآيات القرآنية صريحة في امتداد حياة الإنسان إلى ما بعد موته ، يقول سبحانه في حقّ الكافرين : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون / ٩٩ ـ ١٠٠).
فهذه الآية تصرّح بامتداد الحياة الإنسانية إلى عالم البرزخ ، وإنّ هذا العالم وعاءٌ للإنسان يعذّب فيها مَن يُعذّب وينعَّم فيها من ينعَّم.