فعند ما كان النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّاً في دار هجرته ، كان طلبُ أصحابِه الدعاءَ منه ، راجعاً إلى طلب الشفاعة منه والاختلاف في الاسم لا في الواقع والحقيقة.
وبعد انتقاله من الدنيا إلى عالم البرزخ ، يرجع طلب الشفاعة منه أيضاً إلى طلب الدعاء منه لا غير.
فلو أنّ أعرابياً جاء إلى مسجده فطلب منه أن يستغفر له ، فقد طلب منه الشفاعة عند الله. ولو جاء ذاك الرجل بعد رحيله ، وقال له : يا أيها النبي ، استغفر لي عند الله. أو قال : اشفع لي عند الله فالجميع بمعنى واحدٍ لبّاً وحقيقةً ، وإنّما يختلفان صورةً وظاهراً. فالإذعان بصحة أحدِهما ، والشك في صحة الآخر كالتفكيك بين المتلازمين.
نعم ، هناك سؤالٌ يطرح نفسَه وهو أنّه إذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّاً يُرزَق في هذه الدنيا ويسمع كلام السائل ، فلا فرق بين طلب الدعاء وطلب الشفاعة.
وأمّا بعد رحيله وانتقاله إلى رحمة الله الواسعة ، فلا يسمع كلام السائل ، بأيّ صفة خاطبَه وكلَّمه سواء أقال : استغفر لي ، أم قال : اشفع لي.
والإجابة واضحة ، لأنّ الكلام مركَّزٌ في تبيين معنى طلب الشفاعة منه حيّاً وميّتاً وأنّ حقيقته أمرٌ واحدٌ بجميع صوره ، وأمّا أنّه يسمع أو لا يسمع ، أو أنّ الدعوة تنفع أو لا تنفع ، فهو أمرٌ نرجع إليه بعد الفراغ من صميم البحث. ولإيضاح الأمر نورد بعض النصوص من المفسّرين في