والآية واردة في حق غير التائب ، لأنّ الشرك مغفور بالتوبة أيضاً ، وقال سبحانه : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (الرعد / ٦) أي تشملهم المغفرة مع كونهم ظالمين.
وقال سبحانه : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (الزمر / ٥٣) ، إلى غير ذلك من النصوص المتضافرة على العفو في حق العصاة. ومع ذلك لا مانع من شمول أدلّة الشفاعة لهم.
وأوضح دليل على العفو بدون التوبة قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) (الشورى / ٢٥) فإنّ عطف قوله : (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) على قوله : (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) ب «واو العطف» ، يدل على التغاير بين الجملتين ، وإنّ هذا العفو لا يرتبط بالتوبة وإلّا كان اللازم عطفُه بالفاء.
وقال سبحانه : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى / ٣٠). فإنّ الآية واردةٌ في غير حق التائب ، وإلّا فإنّ الله سبحانه يغفر ذنوب التائب جميعها لا كثيرها مع أنّه سبحانه يقول : (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ).
فتلخّص من ذلك أنّه لا مانع من القول بجواز العفو في حق العصاة كما لا مانع من شمول آيات الشفاعة لهم.
نعم ، يجب إلفات النظر إلى نكتة وهي أنّ بعض الذنوب الكبيرة ربما تقطع العلائق الإيمانية بالله سبحانه ، كما تقطع الأواصر الروحية مع