أقول : توضيح ايراد المورد بحيث يظهر منه سقوط هذا الجواب وفساده ، أن مراد أبي بكر بقوله : إنّما أنا أخوك ما ذا؟
فإن أراد الأخوّة الثابتة بمقتضى الاسلام ، حيث أن المؤمنين بعضهم أخوة بعض ، لزم منه اعتقاد بطلان نكاح المسلمين والمسلمات ، وبطلان الأنكحة السابقة الواقعة في هذه الشريعة ، بل في جميع الشرائع ، وانسداد باب التناكح بين المسلمين بالمرّة.
وهذا مما لا يمكن أن ينسب إلى بليد أحمق ، ويتأنف عن احتماله كلّ سفيه أخرق ، فكيف يعتقده الخليفة الذي هو في غاية الدهاء والفراسة؟!
وان أراد منه الاخوّة الثابتة له بالخصوص بتخصيص من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك فهذا التخصيص قد ثبت في حديث الخلّة بالمدينة ، وهو متأخر عن تزويج عائشة!
فكيف يقوله أبو بكر بمكة؟
وحديث الخلّة ، المشتمل على تخصيصه بالاخوة رواه البخاري في باب المناقب بطرق عديدة :
منها : ما عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لو كنت متّخذاً خليلاً غير ربي لاتّخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوّة الاسلام ومودّته (١).
ومنها : ما عن ابن عباس : لو كنت متّخذاً خليلاً من أمّتي لاتّخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي (٢).
__________________
(١). صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة باب ٣ ، رقم ٣٦٥٤.
(٢). المصدر السابق : باب ٥ ، رقم ٣٦٥٦.