قال الرازي في تفسيره : وسبب هذا المنع ما ذكره الله تعالى في قوله : «مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ» (١) ، وأيضاً قال : «إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ» (٢) والمعنى أنه تعالى لما أخبر عنهم انه يدخلهم النار وطلب الغفران لهم جار مجرى طلب أن يخلف الله وعده ووعيده ، وأنه لا يجوز.
وأيضاً ، لما سبق قضاء الله تعالى بأنه يعذبهم فلو طلبوا غفرانه لصاروا مردودين وذلك يوجب نقصان درجة النبي وحطّ مرتبته.
وأيضاً أنه قال : «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» (٣) وقال عنهم أنهم اصحاب الجحيم فهذا الاستغفار يوجب دخول الخلف في أحد هذين النصين وأنه لا يجوز.
ورابعاً : مخالفته لأمر الله تعالى بل إصراره على المخالفة حيث لم ينته بنهي الله تعالى إيّاه في الدنيا عن الاستغفار ، وصرح بممنوعيته عن الاستغفار لابيه الفخر الرازي في تفسيره (٤) في قوله تعالى : «وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ».
وخامساً : بمنافاة هذه الرواية لقوله تعالى «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ» ، قال العسقلاني : قد استشكل الاسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحته ، فقال بعد أن أخرجه :
«هذا حديث في صحته نظر من جهة أن ابراهيم عالم بأن الله لا يخلف الميعاد ، فكيف يجعل ما بأبيه خزياً له مع علمه بذلك».
__________________
(١). التوبة : ١١٤.
(٢). النساء : ١١٦.
(٣). المؤمن : ٦٣.
(٤). التفسير الكبير ١٦ : ٢١٢.