ويكفي في بطلانه ما ذكره الفخر الرازي تشنيعاً على الشيعة من أنهم في طعنهم على الصحابة أقلّ ادراكاً وشعوراً من نملة سليمان حيث أنها علمت أن أصحاب سليمان بمجرّد ادراكهم صحبته النبي في مدّة قليلة لا يعتمدون اهلاك النمل وحطمها ، واحتملت أن يقع منهم لا عن التفات ، فلذا قيّده بقولها : «وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» (١).
واستحسن هذا الكلام بعض أعيان متأخري العامة ، وهو صاحب التحفة الاثني عشرية ، قال في مقام تسفيه من يطعن على الصحابة ما هذا لفظه : ... (٢).
__________________
(١). النمل : ١٨.
(٢). تحفه اثنى عشرية : ١٩٣ ، وقد ذكر عبارته باللغة الفارسية نأتي بتعريبها : وفي هذا المقام للإمام الفخر الرازي كلام في غاية المتانة ، وأوقع في النفوس والأذهان ، فإنه قال : أن الروافض عندي أقل قدراً من النملة التي كانت في قصة سليمان ، من جهة العقل وحسن الاعتقاد بنبيهم ، لأنها قالت عند رؤية الجنود : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي أدخلوا في مساكنكم حتى لا تُقتلوا تحت أقدام جنود سليمان سهواً.
وقد علِمَت النملة أن جنود سليمان لا يتعمّدون ولا يظلمون أحداً ، لأنهم قد تهذبوا وتأدبوا بقليل صحبتهم النبي ، وبذلك لا يظلمون متعمدين النملة الضعيفة ولا يقتلونها.
وأما الروافض ، فإنّهم لا يفهمون ذلك أبداً ، لأنهم يقولون : ان صحبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تؤثر في نفوس أصحابه بمثل ما تؤثر صحبة سليمان في جنوده ، مع أنه كان أفضل الأنبياء فلا بد أن تكون أكثر تأثيراً في نفوس أصحابه لا سيما في كبارهم الملازمون له ، حتى الذي كان معه في الغار ورفيقه في الشدائد ، ولا تؤثر صحبته فيهم حتى يذهب عنهم الشيطنة والشرارة ، بل أنهم مع ذلك كلّه قد ارتكبوا أكثر من غيرهم الفضائح ، حتى آذوا ابنته وصهره وبني ابنته الذين كانوا من بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يتامى بلا ناصر ومعين ، فظُلموا وأُوذوا بأيدي خيار أصحابه ، أُحرقوا دارهم وهتكوا قدرهم ، أخذوا ما بأيديهم من الأراضي والضياع وما تكون بها وجوه معائشهم ، ولا يزال في إيذائهم. معاذ الله من ذلك.
يلاحظ عليه : أن الفخر ومؤيده صاحب التحفة وغيرهما لا يفهمون أن في الموارد الكثيرة من