قال السيد السمهودي في «جواهر العقدين» : فان في قوله ذلك جرأة عليها وتنقيصاً لقدرها بنسبتها إلى ارتكاب التبذير الموجب لمنعها من التصرف مع كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه ولم يكن أحد عندها في منزلته ، فرأت ذلك منه نوع عقوق فجعلت مجازاته ترك مكالمته.
وقال ابن حزم في المحلى في «كتاب الحجر» : وأما الرواية عن ابن الزبير فطامة الأبد لا وما ندري كيف استحل مسلم أن يحتجّ بخطيئة ووهلة وزلة كانت من ابن الزبير ، والله تعالى يغفر له اذ أراد مثله في كونه من أصاغر الصحابة أن يحجر على مثل أم المؤمنين التي أثنى الله عليها أعظم الثناء في بعض القرآن ، وهو لا يكاد ليجزي منها في الفضل عند الله تعالى ثمّ قال : ومعاذ الله من هذا ومن أن تكون ام المؤمنين توصف بسفه وتستحق ان يحجر عليها نعوذ بالله من هذا القول. (١)
وأصل الرواية على ما ذكرها البخاري في كتاب البرّ والصلة : أن عائشة حدّثت أن عبد الله بن الزبير قال : في بيع أو عطاء أعطته عائشة : والله لتنتهين عائشة أو لاحجّرن عليها ، قالت : أهو قال هذا؟ قالوا : نعم قالت ، : هو لله علي نذر أن لا أكلّم ابن الزبير أبداً فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت : لا والله لا أشفع فيه أحداً ولا أتحنّث إلى نذري فلما طال ذلك على ابن الزبير كلّم المسور بن المخرمة وعبد الرحمن بن الاسود ابن عبد يغوث وهما من بني زهرة وقال أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فانها لا تحل لها أن تنذر قطيعتي فاقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بارديتهما حتى استأذنا على
__________________
(١). المحلى ٨ : ٢٩٢ و ٢٩٣ كتاب الحجر.